عادة ما تكون عطل نهاية الأسبوع فرصة أمل في الخروج من منغصات عملية كثيرة، فهي بمثابة عيد أسبوعي يعيد للكادحين ترتيب أيامهم، والتقاط أنفاسهم، فالكل يَفِرُّ نحو أماكن يستشعر فيها الهدوء والسكون اللازم، بل إن هناك من يرتحل في نهايات الأسبوع بغية إنجاز شؤونه الخاصة في أماكن أخرى.
فعطلة نهاية الأسبوع المتمثلة في يومين فقط تكون حافلة بالمناسبات والمواعيد والالتزامات الشخصية والعائلية وأحياناً الاجتماعية على نحو «الأعراس» التي ما زالت تُشَدُّ لها الرحال بين مدينة وأخرى، فرغم الادعاء بأنها مناسبة للفرح إلا أنها محملة غالباً بالعناء، نظراً لما فيها من مصاعب للناس وإرهاق مادي لمن يقرر الزواج.
أما الأخطر في عطلة نهاية الأسبوع فهي الحوادث المرورية الأليمة التي تثبت الدراسات والإحصاءات أن أشدها ألماً و أقواها فتكاً هي التي تقع في يومي الخميس والجمع على الطرق السريعة بين مدننا وقرانا، وعلى شوارعنا، فيما تزداد في الإجازات الرسمية والعطل الصيفية.
فالمتأمل للدراسات المرورية ولاسيما حوادث الطرق يجد أن نسبة 70% منها يقع في نهاية الأسبوع وهي حوادث في الغالب أليمة، قد تتحول فيه هذه المناسبة البسيطة والقصيرة إلى مأتم أو مناحة لفرط ألمها وعناء مصابها الفاجع.
فالناس في كل دول العالم لديهم إجازات ويسافرون إلى بلاد أخرى طلباً للراحة، ومن المؤكد أنها تقع لديهم حوادث لكن ليست بهذه الحالة الأليمة لدينا، حيث لا يتعدى أسبوع إلا وتسمع أو تقرأ عن حوادث أليمة على الطرق والشوارع بل وداخل الأحياء لدينا!
المشكلة الأم والقضية الكبرى أن هناك من يشير إلى أن لدينا حالة من التهور والإهمال وعدم الأهلية لأن نكون مجتمعات متوازنة ومنطقية، فالتهور هو من قبيل السرعة الجنونية التي تعد هي المحور الرئيس في حوادث المرور، يليها الإهمال في صيانة الطرق وشبه الغياب للجهات الأمنية المعنية في شأن المرور وسلامة المسافرين على الطرق البرية الطويلة، وكذلك ندرة فرق الصيانة في وزارة النقل والجهات المتعاقدة معها من أجل الإشراف على سير الطرق وجاهزيتها.
نذكر على سبيل المثال أن هناك أكثر من عائلة فقدت بالكامل على طريق (العلا / تبوك) على وجه التحديد بسبب زحف الرمال على الطرق لليلية كاملة دون أي وجود لتلك الجهات المتعهدة برفع العوائق الترابية والرملية وإرشاد العابرين، والعمل على تقويم أداء الطريق وفاعليته.
لم نسمع في أي يوم من الأيام، لا في الإجازة أو غيرها أن ذُكِرَ أو كُتَب أو أعْلِن عن محاكمة أو معاقبة المتسبب في مثل هذه الحوادث الأليمة، فالأمر ينتهي ببلسم (قضاء وقدر)، فلا راد لقضاء الله لكن من الواجب أن تتحمل الجهات مسؤولياتها لكيلا تكون نهايات هذه الأسابيع في حياتنا مليئة بالأحزان والكدر.
شيء آخر يمكن أن نذكره في بعض نهايات الأسابيع الأليمة أن صغار السن هم الرقم الأعلى في هذه الحوادث الأليمة، حيث تتجاوز النسبة 90% من المتوفين في هذه الحوادث لشباب دون الثلاثين عاماً، مما يعني أن هناك حالة تهور لا بد من معالجتها والبحث عن حلول ناجعة لها، مع العلم واليقين أن لا قدرة لأحد على منع هذه الحوادث الأليمة إنما الحد منها هو المطلوب.
hrbda2000@hotmail.com