لا خوف على أمة راعيها يفكر بمستقبل أبنائها ويتحسب لحياة أحفادها.
ما كان يفكر به النخبة من العقول المفكرة في بلادنا هو ضرورة الحفاظ على الثروة في باطن الأرض، لأنَّ ما يُستخرج منها وما هو مُكتشف يكفي لتغطية تكاليف تطوير البلاد وتكوين الأطر الإدارية والعلمية والمعنية بإدارة مشروعات الوطن لتمكين المواطن بأن يحيى حياة كريمة.
هذا التفكير الذي ينبع من حرص على مصير ومستقبل الأبناء والأحفاد، ويكشف عن تخلي القيادة عن أنانية اللحظة واستغلال الوقت لتحقيق أعلى درجات الثراء على حساب مستقبل الأجيال.
هذا التوافق ما بين ضرورة الاهتمام بالحاضر والمستقبل كان المهيمن والمختزن في فكر القائد، فالقائد الذي يقود عملية الإصلاح ويعمل من أجل التغيير للأفضل لا يمكن أن يفضل جيلاً على آخر حتى الجيل الذي يعيشه «أوقفوا التنقيب، وخلوا خزائن الأرض لأبنائنا ولأبناء أبنائنا وورثتنا إن شاء الله»، كلام واضح موجز، كبير المعاني، يحمل دلالات ومضامين يظل الإنسان يكتب عنها حتى يعجز القلم.
قائد ينظر للبعيد، ويتحمل مسؤولية رعاية ليس الجيل الذي يعيشه، بل الأجيال التي ستأتي بعدنا، مترجماً حكمة ذلك الشيخ العربي «زرعوا فأكلنا.. ونزرع ليأكلوا»، نعم نطور بلادنا ونحدثها ونرتقي بها إلى مصافي الدول المتقدمة مستثمرين ما جادت علينا خزائن الأرض، ومن استثمار «البترول» المادة التي حبانا الله بها، فأحسنا التعامل معها ووظفنا خيراتها لبناء بلادنا وتكوين الإنسان السعودي، الإنسان الذي يوظف خيرات الله من أجل الخير، وليس لتمويل الحروب والثورات والفتن.
نعم نستثمر موارد «صديقنا البترول» لنكون دولةً حديثةً ومجتمعاً متطوراً.. ونترك خزائن الأرض الأخرى لنتيح لأجيالنا القادمة مواصلة الفعل السعودي.. فعل الإصلاح والتغيير للأفضل... فالأجيال القادمة هم أحفاد أحفاد من نشروا رسالة الإسلام والسلام، وأسسوا الحضارة الإسلامية العربية التي تشهد على عظمة ما بشروا به من دين قيم.. وما قاموا به من فعل جيد، وها هو حفيدهم يرسي عملاً يؤكد مسؤولية القيادة والعمل للأجيال حتى قبل أن يولدوا... اتركوا خزائن الأرض للأجيال..!!
***