في واحد من أشهر البرامج التلفزيونية الأمريكية، وجّه الطبيب النفسي ومقدم البرنامج الدكتور فيل رسالة إلى حضور ومشاهدي برنامجه، محذراً فيها الأزواج من الإدمان على موقع «الفيسبوك» الاجتماعي الشهير والمواقع الاجتماعية الأخرى، ونصحهم بالسعي نحو العودة إلى التواصل الحقيقي مع الأشخاص الحقيقيين وليس الافتراضيين في حياتهم، وذكر أنه قد تقدم إليه عدد من الأزواج شاكين إدمان زوجاتهم على «الفيسبوك»، إلى درجة أن البعض أصبح يجد في مثل هذه المواقع؛ الصديق والرفيق المسلي الذي يهرب إليه الأشخاص من مشاكل الحياة وإحباطاتها وبرودة العلاقات داخل محيط الحياة الأسرية مع الزوجة/ الزوج والأبناء، إلى علاقات وإن بدت أنها وهمية أو افتراضية، إلاّ أنها بخيالات وأوهام نفسية صارت تسيطر على عقول الكثيرين وتشكِّل لهم حياة بالتوازي مع العالم الحقيقي.
وصل الحال بإحدى الزوجات أن تضرب زوجها بسبب إدمانه على هذا الموقع، وهو في السرير، بحيث لم يعد يهتم أو ينتبه لوجودها معه، وهذا النوع من الإدمان يُعَد خطيراً جداً على السلوكيات والأفكار لكل مرتاديه. ولكن السؤال: لماذا يهرب البعض إلى هذا العالم الافتراضي المسمّى ب»الإنترنت» ومواقعه التي لا تُعَد ولا تحصى؟ فالطفل يهرب إليه، المراهق يدمنه، الشباب والفتيات يتعلّقون به حد الجنون، الناضجون من الرجال والنساء بدأوا في الدخول إلى عالمه الواسع وطاب لهم، ولا يهم إن كانوا يستفيدون أو لا يستفيدون، يهدرون أوقاتهم، المهم أنهم بالتأكيد مستمتعون جداً بهذا العالم ومرتاحون جداً، وإلاّ ما كانوا أدمنوه وبهذه الأعداد التي يقول الموقع إنّ عدد مستخدمي «الفيسبوك» قد تجاوز ال500 مليون شخص!! أي بمقدار أكبر من عدد سكان الولايات المتحدة الأميركية، وعما قريب سيتفوّق العدد على سكان الصين، وهي إمبراطورية تمنح انتماءها أو «جنسيتها» ببساطة تامة لكل من يرغب في الانتماء إليها.
ومن المؤكد أنّ مثل هذه المواقع الاجتماعية، وهي تُعَد بمثابة عالم افتراضي، العلاقات فيه قائمة على الوهم أكثر مما هي على الواقعية واليقين، فأنت تتعامل مع أشخاص لا يمكنك التثبت من جنسهم ولا أشكالهم ولا أعمارهم أو أسمائهم أو بلدانهم، وهنا فأنت عرضة للنصب والاحتيال والغش وبالتأكيد للكثير من الشك، فقد تعرّض كثير من الناس خاصة المراهقين لعمليات نصب واحتيال واغتصاب وأحياناً اختطاف وقتل على أيدي أشخاص مهووسين ومرضى نفسيين يتعقّبون الصغار عبر الشبكة العنكبوتية وعبر «الفيسبوك» تحديداً!
أشاطر بالرأي الدكتور فيل في ندائه وكذلك الكاتبة عائشة إبراهيم التي تحدثت عن الموضوع في صحيفة الاتحاد الإماراتية، وعلينا جميعاً وخصوصاً في فترة الإجازة الصيفية والتي لا يتم استثمارها من قِبل الطلاب بشكل أمثل، أن ننتبه لأبنائنا في تعاملهم مع هذه المواقع؛ لأنهم شديدو البراءة، بينما مجرمو «الإنترنت» شديدو الذكاء والخبث، وأن نوجههم لاستثمارها بما يعود عليهم بالنفع، حفظ الله الجميع من كل مكروه.
fax2325320@yahoo.com