تعتبر البيوع الدولية أداة الاتصال الأهم والأقدم دوليا، ولأجلها تجمعت الجهود الدولية بغية توحيد أحكامها، ووصلت في نهاية الأمر إلى قواعد موحدة لها. ويعود الفضل في ذلك إلى تطور المدنية والحضارة المعاصرة، وازدهار التجارة الدولية، ورغبة الشعوب المضطردة لإشباع حاجاتها من المنتجات العالمية الصناعية والطبيعية.
ولهذه الغاية، توصلت الأمم المتحدة لإقرار اتفاقيتها الشهيرة باسم (اتفاقية فينا للبيوع الدولية 1980) التي دخلت حيز النفاذ عام 1988م بانضمام كل من إيطاليا والصين والولايات المتحدة الأمريكية لعضويتها. تهدف الاتفاقية إلى إسناد بيوع التجارة الدولية لقواعد موحدة من حيث تكوين عقد البيع، والتزامات البائع والمشتري، وتبعة هلاك البضاعة، وأحكام القوة القاهرة والإعفاء من الالتزامات. أي وضع تنظيم قانوني موحد وملائم لحاجات ومعاملات التجارة الدولية، عوضاً عن التشريعات الوطنية التي تختلف وتتفاوت فيما بينها مما يكون عائقاً دون تطور وازدهار التجارة الدولية. ومن هنا يكون لكل دولة صادقت على الاتفاقية نظامان قانونيان للبيوع، البيوع الداخلية وهذه تحكمها الأنظمة الداخلية، والبيوع الدولية بالمعنى الذي حددته اتفاقية فينا، وهذه خاضعة لما أوجدته الاتفاقية من قواعد. وكل من النظامين يفرض قوته الملزمة على أطراف التعامل، بل وعلى القاضي عند الاختلاف بين الأطراف الذي يلتزم بتطبيق كل من النظامين في حدود نطاق تطبيقه.
إن المملكة وهي تتبوأ مرتبة متقدمة في معدل التجارة الدولية كمصدرة أو مستوردة. ويرسو على موانئها، يومياً مئات البواخر القادمة عبر أعالي البحار من الشرق ومن الغرب محملة بالبضائع بموجب عقود بيوع دولية، تستحق بأن تكون عضوا فعالا في اتفاقية فينا للبيوع الدولية للاستفادة من قواعدها، ومن الضمانات التي تحققها لطرفي العقد، خاصة ما يتعلق بضمان عيوب البضاعة وانتقال تبعة الهلاك لا سيما في الظروف الراهنة التي تشهد تغير في المناخ، وكثرة الكوارث الطبيعية التي أثرت بشكل مباشر على التجارة الدولية.
وتكمن الميزة الرئيسة للاتفاقية أن نصوصها تشكل نظاماً متكاملاً لعقد البيع الدولي للبضائع، وهي في نفس الوقت مكملة لإرادة أطراف العقد عندما ينتميان لدولتين أعضاء في الاتفاقية، وعندما يغفلان الاتفاق على نقاط معينة. وهي لا تلزم أحدا في حال الاتفاق على استبعادها قواعدها، أو استبعاد جزء منها، حتى لو كان المتعاقدان من دولتين أعضاء في الاتفاقية.
وأخيراً فالاتفاقية تعني بالدرجة الأولى في القطاع الخاص، وعلى وجه الخصوص المصدرين والمستوردين، والمهتمين بالتجارة الدولية، الذين يتردد على أسماعهم اسم الاتفاقية عند التفاوض على عقود بيوع التجارة الدولية من قبل الأطراف الأجنبية دون معرفة تامة بمضمونها، أو بموقف المملكة منها.
Hotmail.com@malshmmeri