لست مع مَنْ يقولون أو يرون أن مستوى كرة القدم هبط أو تراجع، بل إنني أجزم بأن المستوى تطوَّر كثيراً؛ فطرق اللعب والتكتيك والتكنيك اختلفت، وأصبحت المنتخبات تواجه صعوبات جمة في الوصول إلى المرمى أو اختراق دفاع الخصم، بل إن لاعباً كميسي أو رونالدو أو كاكا ومن يقترب من مستوياتهم لا يستطيع المشي بالكرة وتجاوز الخصوم؛ لأن ذلك غير متاح إطلاقاً؛ فالأهداف الكثيرة التي تأتي من انفرادات تامة بحراس المرمى لم تعد موجودة، وإن وجدت فهي نادرة جداً، وأصبحت مواجهة الفرق الكبيرة والمتمرسة صعبة جداً ومرهقة بدنياً وذهنياً.. في كأس العالم الحالية تشاهد المباريات الكبيرة وإذا أردت المتعة فيجب عليك ألا تنشغل ولو لبرهة بغير المباراة؛ فالمبادرة والابتكار يأتيان وليدَيْ اللحظة، وبطرفة عين تجد الفريق وجد طريقاً صعباً جداً لمرمى الخصم، وحين يجد هذا الطريق فيجب استغلاله بأفضل ما يمكن؛ لأن ذلك لا يتكرر في المباريات الكبرى. لنأخذ هدف البرازيل الثاني في تشيلي مثالا: فكُرَة كاكا التي وضعها على طبق من ذهب أمام فابيانو تنمُّ عن فكر غير عادي وعن مهارة فطرية غير طبيعية.. حين تشاهد تلك التمريرة فلا بد أن تجد نفسك تسأل نفسك: متى نصل إلى مستوى هؤلاء؟ متى يكون اللاعب بهذا الحضور الذهني المذهل؟ متى يكون بهذه المهارة فائقة الجودة؟ متى يكون اللاعب جاهزاً لما سيعمله قبل أن تصله الكرة بدلاً من أن يُفاجأ بها ويثبتها ثم تضيع؟.. فلا تجد إجابة غير أن تقول لنفسك: استمتع بكاكا وبالتمريرة وبالمهارة الفطرية؛ فالكُرَة تتطور، ولا بد أن نستحدث برامج لمسايرة هذا التطوُّر؛ حتى لا نجد أنفسنا نراوح مكاننا والعالم يمضي بعيداً.. بعيداً.
بقيت الإشارة إلى أن «فيفا» أدرك التطوُّر المذهل لكرة القدم فاستمر في مسايرة هذا التطوُّر، ولعل آخر ما فعله في هذا الجانب اختراع كرة جابولاني المزعجة لحراس المرمى؛ فهي في خدمة المهاجمين سواء بأقدامهم أو رؤوسهم كما حدث في هدف جوان في مرمى تشيلي.
ومع المونديال يستمر الحديث غداً.