تخيل أنك تشتري بيتًا بمبلغ أعلى من المعتاد، بسبب وجود مخطط حديقة مستقبلية، سوف تقوم البلدية بإنشائها أمام بيتك. ثم بعد أن تدفع المبلغ وتشتري البيت وتسكن في انتظار الحديقة التي على بعد خطوات من أطفالك، تتفاجأ بجهة أخرى لا علاقة لها بالبلدية تقوم ببناء مرفق آخر لا يمت للترفيه بصلة. وحينما ترفع شكوى لمسؤولي البلدية، يقولون لك:

- ما لنا شغل.

مخططات الأحياء تواجه بلا شك مآزق لا حصر لها. فما أن ينتهي المخطط ويتم اعتماده، تبدأ التعديات. والغريب أننا لا نرى أي تعدٍ في مرحلة بيع المخططات. لا نراها إلا بعد أن تتم عملية البيع وبناء المساكن، مما يؤكد حقيقة الخداع مع سبق الإصرار. وحينما تقف البلديات موقفًا سلبيًا من هذه الظاهرة التي لم تسلم منها أية مدينة، فإن الناس يتهمونها (أي البلديات) بالمشاركة في عمليات الخداع.

لا أعرف بماذا يمكن أن ننصح المتضررين من هذه التعديات، لكنني أظن والله أعلم بأن ديوان المظالم لن يقف متفرجًا، إذا تم إشراكه في هذه القضية. ومعلوم أن ديوان المظالم لن يتحرك إلا إذا تسلَّم شكاوى مؤكدة وموثقة تثبت أن التعدي حصل. وبغير هكذا ممارسة، فإن أحدًا لن يحصل على حقه، وستستمر هذه الظاهرة على الأرض، إلى درجة قد تصحو من النوم لتجد بدل الحديقة التي كان مخططًا أن تكون بجانب بيتك، محطة بنزين أو مقبرة!