تكشف جولة نائبة وزير التربية والتعليم لشؤون البنات معالي الأستاذة نورة الفايز لمدارس البنين والتقائها بالطلاب والمعلمين في محافظة الزلفي - تكشف - عن قضايا ساخنة داخل أروقة الوزارة وتأزم بدأ يظهر على السطح عندما حمل نائب الوزير معالي الأستاذ فيصل بن معمر اللوم والمسؤولية على النائبة نورة الفايز، واعتبر الجولة تصرفاً شخصياً من النائبة، وقال: لو استشارتنا فلن نوافق على الجولة.. هذا اللوم والعتاب من النائب فيصل بن معمر لزميلته النائبة الفايز وتحميلها المسؤولية والثمن إذا كان هناك ثمن باعتباره تصرفاً شخصياً معزولاً فهل تجاوز النائب فيصل اللباقة الوظيفية؟!
وهذا ينم عن الخلل داخل الإدارة العليا بالوزارة عندما يخاطب النائب فيصل بن معمر زميلته نورة الفايز بهذه اللهجة والطريقة وهي تتساوى معه بالمنصب والمسؤولية الإدارية والوجاهة المهنية وتملك نفس الحقوق الإدارية وما قامت به ليس سلوكاً شخصياً فهي تعبر عن سياسات وتوجهات الوزارة بصفتها نائبة الوزير ولا تعبر عن رأيها الشخصي وتنفذ سياسة عامة للوزارة واستراتيجية أعلنتها الوزارة والنائب فيصل بن معمر شارك في صياغة بنودها وساهم في تنفيذها وليس هناك أي تصرف شخصي أو رأي مستقل؛ فبدلاً من أن تتحمل القيادة الجماعية للوزارة المسؤولية يتم لوم وتخطئة النائبة الفايز وكأنها لا تمثل الوزارة وأن تصرفها معزول ونشاز ولا يتفق مع فكر ومنهجية الإدارة العليا في الوزارة.
الأمر الآخر الذي تكشف عنه جولة الزلفي تداخل الصلاحيات والحدود المهنية؛ فالنائبة مارست حقها المهني؛ كونها مسؤولة عن الشأن التعليمي والتربوي، في حين أن النائب فيصل وحسب الممارسات الموكلة إليه مسؤول عن الجانب الإداري والمالي، وفي هذه (الحادثة) تولى دور المسؤول الأعلى في التخطئة والمساءلة والمحاسبة ولوم النائبة على تصرفها.
ونتيجة لجولة الزلفي يبرز من جديد أهمية إيجاد نظام (قانون) يحدد المسؤوليات ويوجد الأنظمة والقواعد والبنود لقضايا وموضوعات التعليم؛ فالمرحلة القادمة تحتاج إلى مرجعية تجعل من زيارة النائبة شأناً إجرائياً يجيزه النظام أو يمنعه، كما أن قضايا مثل الرياضة النسائية في المدارس ورياضة الفروسية تحت مظلة الوزارة هل يسمح بها النظام أم لا.. والموسيقى للجنسين البنين والبنات في الأناشيد الوطنية وكذلك الحركات الرياضية في الاصطفاف الصباحي وتحية العلم للطلاب والطالبات وأيضاً إنشاء إدارة كشفية للطالبات بزي كشافي وموضوعات أخرى متعددة تتطلب أن يكون للوزارة نظام مرجعي يحفظ الحقوق ويوضح الواجبات للطالب والمعلم والإدارة المدرسية..
الوزارة مؤسسة تعليمية لها نظامها المؤسسي الذي يقوم على أنظمة ولوائح يفترض ألا تتأثر بغياب أو رحيل المسؤول، ولا يستطيع أي من المسؤولين تغيير بند من بنود النظام إلا عبر قنوات هرمية عليا وهيئات من خارج الوزارة.. كما أن اللوائح التي تصيغها الوزارة لا بدَّ أن تكون متوافقة مع بنود النظام ولا تعارضها، وكذلك الحال في الأدلة الإجرائية؛ فالأستاذة نورة الفايز جزء رئيسي من وزارة التربية وتصرفاتها تعبر عن سياسات الوزارة والأخطاء ليست شخصية وفردية يمحوها لوم وعتاب النائب للنائبة؛ فنحن في مؤسسة تعليمية تربوية تحترم الأنظمة واللوائح والسلوك، فإذا لم تكن لتلك المؤسسة أنظمة مكتوبة فهذا يعد عطباً وخللاً في المؤسسة، وبخاصة أن الوزارة تمثل الجزء الأكبر من القوى العاملة في الخدمة المدينة؛ حيث يبلغ منسوبو وزارة التربية أكثر من نصف مليون موظف.