Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/06/2010 G Issue 13788
الثلاثاء 17 رجب 1431   العدد  13788
 
نزهات
ميدان مشري في «الباحة»
يوسف المحيميد

 

يقول الخبر إن عمدة باريس السيد برتران دولانوي قد دشن ساحة الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، قائلاً إن ذلك يأتي تكريماً لأعمال هذا الشاعر الفلسطيني الكبير. ولا شك أن درويش الذي كان قاب قوسين أو أدنى من جائزة نوبل لأكثر من دورة مضت، يُكرّم اليوم بإطلاق اسمه على إحدى ساحات باريس، العاصمة التي خلقت من نور!

حينما قرأت الخبر سعدت وحزنت معاً، سعدت لأن تهتم دولة أجنبية ذات بعد ثقافي عميق، مثل فرنسا، بشاعر فلسطيني أنهكته المنافي، وكأنما عليه الآن بعد طوافه الطويل أثناء حياته، أن يستقر في أجمل الأماكن وأكثرها ثراءً: باريس. وحزنت لحال كثير من المبدعين السعوديين الراحلين، الذين أثروا مشهدنا الثقافي، بل والمشهد الثقافي العربي، ثم رحلوا بصمت ولم تبق سوى كلماتهم وبضعة أصدقاء مخلصين يعيدون نشر أعمالهم ويهتمون بها.

حتى لا أتحامل على وزارة الشؤون البلدية والقروية، الجهة المنظمة لتسمية الشوارع لدينا، لابد أن نعرف أن معظم الأدباء الرواد أمثال حمد الجاسر وأحمد السباعي وعبدالله بن خميس وغيرهم، قد سميت بأسمائهم شوارع في مختلف المدن، بل إن بعضهم سمّي باسمه أكثر من شارع، والبعض الآخر أطلق اسمه على شارع خارج الحدود، وهو أمر مبهج لأن يبقى ذكر هؤلاء طويلاً، لدى العامة وليس لدى القراء والباحثين فحسب.

ولكن يبدو أن الأسماء الأدبية التي تلت أسماء الرواد، والتي لها الأثر الأبرز في تجديد الشعر والقصة والرواية السعودية، لم يُلتفت إليها، فمثلاً الراحل عبدالعزيز مشري، أحد أبرز الأسماء المؤثرة في القصة والرواية السعودية والعربية، لم يخلّد اسمه سوى أعماله فحسب، ولم تنل ساحة أو ميدان أو شارع، أو حتى «رصيف» شرف التسمّي باسمه، ولم تحظ جائزة للرواية أو القصة باسمه، رغم أنه بُحّ صوتي صوب الزملاء في نادي الباحة الأدبي لإقرار جائزة باسمه، منذ مهرجان الرواية الأول الذي نظموه، وكتبت عن ذلك مراراً، وها أنذا بعد مرور عشر سنوات على رحيله، أتمنى وأناشد أمير منطقة الباحة محمد بن سعود بن عبدالعزيز، ونائبه الأمير د. فيصل، بأن يكرّما هذا الكاتب الكبير، حتى لو بعد عشر سنوات من النسيان، ويقوما بتدشين ميدان أو طريق باسمه، لأنه علم أدبي بارز، أوصل صوت السرد السعودي، بنكهته الجنوبية، إلى العالم العربي، فلم أزل أتذكر كلمة الروائي المصري صنع الله إبراهيم حينما رفض جائزة الرواية، وافتتح كلمته بأسماء روائيين عرب، كان يرى بأنهم أحق منه بالجائزة، كان مشري هو السعودي الوحيد بينهم.

الطريف، أنني قرأت مرةً خبراً عن مواطنين من قرية «طريب» في محافظة «أحد رفيدة» جنوب البلاد، يعترضون على تسمية طرق قديمة في قريتهم باسم: نجيب محفوظ وأبي العلاء المعرّي، ورغم مبرراتهم المختلفة حول أهمية الاحتفاظ بالأسماء التاريخية القديمة للمكان بدلاً من أسماء الأدباء، أجد أن مبرراً آخر أهم يقول بأن «الأقربون أولى بالمعروف»، ووجود اسم مشري على إحدى هذه الطرق أولى من غيره، ف»جحا أولى بلحم ثوره» من الآخرين!



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد