نشرت جريدة الحياة يوم الخميس الماضي خبراً يقول: (نشبت أزمة حادة في جمعية حماية المستهلك بين أعضاء مجلس إدارة الجمعية من جهة، ورئيس الجمعية الدكتور محمد الحمد من ناحية أخرى). وجاء في الخبر: (وطالب الأعضاء في شكوى جماعية رفعوها إلى وزير التجارة عبدالله زينل، بتنحية رئيس الجمعية والتحقيق معه في التجاوزات التي ارتكبها والمبالغ التي تم صرفها من دون وجه حق (ومن هذه التجاوزات التي كشفها أعضاء مجلس إدارة الجمعية ما جاء على لسان عضو مجلس إدارة الجمعية السيدة منال الشريف بأن رئيس مجلس الإدارة: (قام برفع راتبه إلى 51 ألفاً من دون الرجوع إلى المجلس) وأضافت بالنص: (أنه يبحث عن مصالحه الشخصية على حساب المصلحة العامة، ويقوم بسفريات وانتدابات غير مبررة، وهو حالياً في كوريا، وغالبية أعماله تغلب عليها المصلحة الشخصية)!. كما أكد تجاوزات رئيس مجلس الإدارة نائبه ناصر التويم، وأوضح: (أن الأعضاء رفعوا شكوى لوزير التجارة عبدالله زينل بشأن الملاحظات وتجاوزات رئيس الجمعية، مشيراً إلى أن أعضاء الجمعية بذلوا كل الجهود من أجل إصلاح ما يمكن إصلاحه في المجلس، ولكنهم لم يتوصلوا إلى حل مع الرئيس، ما دعاهم إلى رفع الشكوى).
هذه القضية، والاشتباكات بين رئيس الجمعية والأعضاء، تفسر سبب غياب جمعية حماية المستهلك عن أداء دورها الذي على أساسها أنشئت. قضايا كثيرة أثارتها الصحافة، ويشتكي منها المواطنون، ثم تبحث عن الجمعية فلا تجد أن لها صوتاً، ولا نشاطاً يبرر وجودها.
الأصوات المعترضة أتت من داخل البيت وليس من الخارج، فالذي يتهم هنا هم نائب رئيس مجلس الإدارة و(جميع) أعضاء المجلس الثمانية، الأمر الذي يجعل القضية ليست مجرد اتهامات وإنما هي أقرب إلى شهادات من أهل البيت. فإذا كانت الاتهامات صحيحة فهي (مصيبة) وإذا كانت غير صحيحة، فالمصيبة أعظم!
الأمر الآخر أن مثل هذه القضايا عندما تصل إلى الصحافة، وبهذه الحدة، ومن جميع الأعضاء، يعني أنهم قد استنفذوا كل الطرق والقنوات الروتينية لإيصال أصواتهم إلى المسؤول المعني بالموضوع، والذي هو هنا (وزير التجارة)، ولم يجدوا لديه آذاناً صاغية، فاضطروا إلى إعلانها وطرحها كقضية رأي عام في الصحافة.. والقضية - كما تشير الاتهامات - يكتنفها من الفساد، واستغلال المنصب، ما يجعلنا نتساءل: لماذا سكتت وزارة التجارة عن الموضوع؟.. ولماذا لم يتم التحقيق بعد أن وصل الأمر من خلال شكوى الأعضاء إلى الوزير؟.. ثم لماذا سكت المعنيون في الوزارة والخلافات داخل الجمعية وصلت إلى مرحلة اتهام الذمم واستغلال المنصب في الإثراء غير المشروع؟
غياب هذه الجمعية عن أداء دورها واضح كالشمس؛ فلم نسمع لها صوتاً، ولا نشاطاً، في كثير من قضايا استغلال التجار للمستهلك، ممن (يمصون) المستهلك، ويتحكمون في احتياجاته بكل جشع ولا رقيب ولا حسيب.
القضية لا تقبل السكوت، خصوصاً وأن محرري جريدة الحياة - كما في الخبر - حاولوا الاتصال بالدكتور الحمد ولم يجب على اتصالاتهم، ولم يفند ادعاءات من اتهموه بالفساد، مما يجعل القضية تثير من التساؤلات ما يجعلنا ننتظر إجابة شافية من وزارة التجارة، فهي الجهة المسؤولة عن تنظيم التجارة في البلاد، وكذلك كبح جماح استغلال جشع التجار؛ وهذه الجمعية هي من حيث المنطلق والوظيفة يجب أن تكون أداة من أدوات حماية المستهلك من استغلال التجار، لنكتشف أن الفساد يتحكم في مفاصل هذه الجمعية التي أنشئت أساساً لمكافحة الفساد؛ فما رأي معالي وزير التجارة في هذه الفضيحة؟
إلى اللقاء.