فاصلة:
(أنا لا أفكر في المستقبل أبداً، فهو يأتي باكراً جداً)
- حكمة عالمية -
هل نستطيع أن نقول إننا نشهد مرحلة جديدة من الحراك الديني، على غرار الحراك الثقافي والمجتمعي الذي لم يكن لينجح لو لم يبدأ الحراك الديني في التجديد للمقولات والمفاهيم.التجديد في منهج القراءة والتأويل هو جزء من أسلوب وعينا بصلاحية ديننا لكل زمان ومكان وقابليته للتجديد لأنه محفوظ من التبديل بدين آخر. هذا التجديد الديني إن حدث فنحن أمام مرحلة تغيير أكثر جذرية تمس بنية المجتمع بأكمله، و تحولات تقلب عوائد التفكير والسلوك وأنظمة الحياة قلباً جذرياً.فالتحولات الكبرى التي شهدها التاريخ الإنساني كانت دوماً مرتبطة بإنجاز تحول ما في الرؤية والمفاهيم العقدية، لذلك من المهم أن نقرأ المستقبل في اختلاف العلماء - مصدري الفتاوى الجديدة إلى حد التراشق اللفظي وإصدار الأحكام - ونعتبره الآم ما قبل المخاض.النمذجة الدينية التي عشناها لعقود طويلة جاء الوقت لأن نخلع رداءها عنا، حيث تحولت بعض العقول إلى مستقبل فقط غير مدرك بل تابع للشخص دون المبدأ.صحيح أن هناك مبادئ للفتوى وشروطاً لا بد من توافرها في من يتصدى للإفتاء، لكن لا يمكن لأي مجتمع مسلم أن يحصر الفتوى في عدد محدود من العلماء، فليس لدينا كهنوت في الإسلام.نقاش العلماء الآن وأئمة المساجد وكل من يرى في نفسه علماً وتفقهاً في الدين برأيي ظاهرة لا بد أن ينتج عنها تغيير في مفاهيم دينية ربما لا تمت إلى الدين بصلة، لكنها بحكم التواتر الزمني أخذت قدسية الدين نحن في حاجة إلى تجديد الفقه والفكر الإسلامي، فكثير من القضايا المستحدثة، تحتاج فقهاً متجدداً ينطلق من الثوابت الإسلامية.إن التجديد وعدم الجمود هو أحد جوانب عظمة الإسلام، وسر بقائه صالحاً لكل زمان ومكان؛ وانتشار الفتاوى وتضادها ونقاش العلماء واختلافهم برأيي ظاهرة صحية تحديداً لنظام النمذجة الاجتماعية والثقافية المنبثقة عن قدسية ما لا يقدس من المفاهيم، وهي تحمل تحدياً حقيقياً لمن يخلعون على المفتين والعلماء رداء القدسية مع أنهم بشر يصيبون ويخطؤون ويظل المفتي الأول للمسلم القرآن والسنة، وبعد ذلك يأتي دور العلماء الذين هم مجتهدون من الواجب احترامهم وليس تقديسهم.
nahedsb@hotmail.com