Al Jazirah NewsPaper Tuesday  29/06/2010 G Issue 13788
الثلاثاء 17 رجب 1431   العدد  13788
 
مجموعة العشرين.. ما الذي يريده الغرب منا، وماذا نُريد؟
فضل بن سعد البوعينين

 

التخطيط الإستراتيجي يجعلنا أكثر حاجة للإحاطة بمتغيرات الأمور، الآنية والمستقبلية، لاتخاذ القرارات التي تحقق أهدافنا الخاصة، وإن تقاطعت مع أهداف الآخرين، شريطة ألا نقبل بتهميشها، أو التنازل عن أهم مكوناتها الأساسية.

الأكيد أن اختيار المملكة ضمن مجموعة العشرين جاء وفق معطيات مهمة منها إدارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحكيمة للدولة، والاقتصاد بشكل خاص، مكانتها القيادية في العالمين العربي والإسلامي، قوتها المالية، والاقتصادية، وقدرتها على التأثير في اقتصادات العالم؛ فالمجموعة التي تبحث عن تشجيع النمو العالمي لا يمكنها تحقيق أهدافها بمعزل عن الدور القيادي الذي تمارسه المملكة في أسواق النفط العالمية. المملكة باتت تمثل صمام الأمان لأسواق النفط العالمية، والضامن بعد الله سبحانه وتعالى، لإمداداته التي لا يمكن تصور مستقبل العالم الصناعي دونها.

المملكة تمارس دورها المسؤول في التعامل مع مصدر الطاقة الرئيس، والمؤثر الأكبر في اقتصادات العالم، والذي تعتمد عليه مجموعة العشرين في تحقيق هدف النمو والانتعاش بعيدا عن شبح الركود القاتل. أثبتت المملكة كفاءة عالية في التعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية، وقدرة على المساهمة في الجهود الدولية الرامية لمعالجتها. طمأنة الأسواق العالمية لم تكن لتحدث لولا تأكيد المملكة، والتزامها بضمان الإمدادات، واستقرار الأسعار بما يحقق مصلحة المنتجين والمستهلكين.

قد تتعرض المملكة في جهودها العالمية إلى بعض الخسائر المؤثرة من خلال دعمها السياسات النفطية الضامنة لتحقيق استقرار ونمو الاقتصاد العالمي، وربما تحملت تكاليف باهظة لضمان توفير طاقة إنتاجية فائضة لطمأنة الأسواق ومواجهة أي نقص مفاجئ في الإنتاج العالمي حين الأزمات، وهي أمور يُفترض أن تقابل بمزايا دولية من بينها التعهد بعدم استهداف النفط بالضرائب المجحفة، أو التأثير السلبي على الطلب العالمي ما يؤثر سلبا على إيرادات الدول المنتجة.

لم يكن النفط ركيزة المشاركة السعودية في مجموعة العشرين، بل كانت هناك جوانب أخرى لا تقل أهمية عنه، كالاستثمارات المالية في الخارج التي ربما شكل قرار تسييلها، لو اتُخِذ، ضربة قاصمة لبعض الاقتصادات المتضررة أصلا من الأزمة؛ إضافة إلى ذلك فالإنفاق الحكومي السخي، التعهد بإنفاق 400 مليار دولار على مشروعات التنمية، وفتح السوق المحلية للشركات العالمية ساعد أيضا في ضمان دوران عجلة التنمية محليا، واستفادة الشركات العالمية من المساهمة في تنفيذ بعض تلك المشروعات، أو الدخول في شراكات مرتبطة بالمشروعات الإستراتيجية الضخمة ما ساهم بطريقة غير مباشرة في دعم الاقتصادات الأخرى.

مع كل تلك الجهود، تقف بعض الدول الغربية موقف الباحث عن المصلحة الخاصة بعيدا عن مصالح الآخرين، بل ربما مارست ضغوطاً اقتصادية مضرة لتحقيق أهدافها التنموية. أهداف متعارضة يُفترض أن نقف أمامها موقف الباحث عن المصلحة ولا شيء غير ذلك. المسؤولية الدولية تفرض على الدول القادرة، والمؤثرة، المساهمة في خطط الإصلاح، إلا أن تلك المساهمة يجب أن تتناسب مع حجم الدولة، وتأثيرها في المجتمع الدولي، وحجم الضرر الذي تسببت به، إضافة إلى حقها المشروع في صنع القرار، وتحقيق المنفعة منه، أو على الأقل حماية مصالحها؛ فمن غير المنطق القبول بأن تكون المساهمات الإصلاحية ذات مسار واحد تتحول فيه إلى مساهمة قسرية تنعش اقتصادات الآخرين ولا تحقق منفعة المنفقين!.

يُعتقد أن التفاوض الإيجابي حتى في مساهمات الإصلاح الدولي هو الضامن لتحقيق الأهداف الإستراتيجية المستقبلية، بل ربما حققت الأزمات المفاجئة فائدة قصوى للباحثين عن تحقيق المنفعة المحققة للأهداف الإستراتيجية. أنفقت المملكة مئات المليارات على أعمال الاستكشاف، التنقيب، وتطوير الحقول ما رفع طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل يوميا، وبطاقة إنتاجية فائضة تصل إلى 4.4 ملايين برميل يوميا، وذلك يعني وجود طاقة غير مستغلة استنزفت مئات المليارات، دون أن تحقق عائدا لحظيا للاقتصاد، إلا أنها تضمن تحقيق هدف طمأنة الأسواق العالمية واستقرار الأسعار. يُفترض أن يكون هناك ثمنا لذلك، الغرب يبحث عن استقرار الأسواق، والحصول على النفط بأسعار متدنية، وضمان تدفقات الإنتاج، وإعادة استثمار جزء من عوائد النفط في أسواقهم بهدف تنشيطها، خلق الوظائف، وتوفير مصادر جديدة للضرائب الحكومية؛ إضافة إلى طلبهم المساهمة الفاعلة في معالجة الأزمات التي تسببوا في خلقها من العدم. أما نحن فلا نريد أكثر من حماية مصالحنا، وضمان استمرارية الطلب العالمي على النفط، المتوافق مع حجم مشروعات تطوير الإنتاج المكلفة، ووضوح الرؤية الإستراتيجية لمستقبله، والتعهد بعدم وضع ضرائب مُضرة بالمنتجين، أو محاربته من خلال بدائل الطاقة التي ربما هُدِف من خلال بعضها الإضرار بالمنتجين لا توفير البدائل المناسبة!.

***

F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد