لم تكن مشاركة الدول الأكثر نمواً في قمة دول العشرين منحةً أو تكرماً، بل القول الصحيح أن مشاركة هذه الدول هو إسهام إيجابي في القضايا والأزمات الدولية التي كانت مهمة معالجتها حِكراً على دول معينة، مرة تُختزل في مجموعة دول الثمانية، ومرة في الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وبعد تفاقم المشكلات، وظهور تباين واضح بين مصالح الدول التي كانت تبني ثراءها وتعزز تفوقها الاقتصادي على حساب الدول الفقيرة والدول النامية، مما أفرز تبايناً شاسعاً بين شرائح دولية متعددة، وهو ما أوجد العديد من المشكلات التي هزَّت الاقتصاد العالي وبدأت تظهر تداعيات الديون السيادية في أوروبا والمخاوف التي أطلقتها اليابان حول مديونيتها التي تجاوزت مئتين بالمائة، والشكوك حول قدرة إسبانيا على الصمود بسبب الديون السيادية التي دمرت الاقتصاد اليوناني.
هذه الكوارث الاقتصادية والأزمات التي عايشنا بعضها من خلال تفجر الأزمة الاقتصادية الدولية التي كان سببها تجاوزات البنوك والمؤسسات المالية وبالذات الأمريكية والبريطانية، وانهيار الاقتصاد اليوناني.. أصبح من المفيد بل والملح أن يكون إسهام الدول النامية في التسيير والمشاركة في الإصلاح، والتخطيط لتحسين العمل في الاقتصاد الدولي الذي أخذ يدفع تفرد دول معينة في الاستحواذ على صنع القرار الاقتصادي الدولي.
وهكذا جاء اختيار ومشاركة الدول النامية الاثنتي عشرة التي كونت مع الدول الثماني مجموعة دول العشرين التي بدأت قمتها الرابعة أمس بمشاركة المملكة العربية السعودية برئاسة وفد يقوده خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
ولهذا فإن مشاركة الدول النامية الاثنتي عشرة بالإضافة إلى الدول الثماني الصناعية الكبرى سيسهم وبشكل خاص في إصلاح الاقتصاد الدولي وتحفيز آليات المعالجة التي لن تقتصر في إصلاح الخلل الذي أحدثته «أنانية» واحتكار القرار الاقتصادي الدولي على دول بعينها. وتوسيع الدائرة الدولية في صُنع وتوجيه القرارات الاقتصادية لا بد وأن يعالج الكثير من الأزمات الراهنة ويعمل على اعتراض الأزمات القادمة.
***