كلما سمعت عن الإجراءات الإدارية السريعة في الدول المجاورة والشقيقة والصديقة، غبطتهم ودبت الغيرة في نفسي نحو بلادي. فحين اشتدت الحرارة في المغرب ومصر وسوريا ولبنان لم يبدأ الناس بالتذمر والسخط، بل لجؤوا لحكوماتهم لحل المشكلة التي بادرت بإصدار قرار سريع يقضي بتقديم الوقت ساعة كاملة بحيث يبدأ الدوام الساعة الثامنة صباحاً على الموعد المعتاد وهو في الواقع الساعة السابعة.
أعجبني سرعة الإجراء واتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، وتمنيت حقاً تطبيقه في بلادي التي تسبق شمسها بلاد الدنيا بالشروق! وكنت أتمنى أن يكون لقوة سطوعها تأثير في إشراق فكرنا وتحسين أوضاعنا.
وكلما تأملت التطور الذي تشهده بلاد حولنا ممن يعيشون نفس ظروفنا الاجتماعية والاقتصادية والمناخية كلما أسفت على بلادي التي لا يمكن أن يصدر قرار إلا تم الجدال حوله أو رفضه أو الاحتجاج عليه. وأجزم أننا البلد الوحيد الذي لا يزال يبدأ أسبوعه الرسمي ودوام موظفيه ومدارس طلابه يوم السبت وهو عطلة رسمية لجميع دول العالم دون استثناء، بينما نحن -بدعوى الخصوصية- لا زلنا نبحث عن فتوى تبيح إجازة السبت، بالرغم أنه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يكن هناك ما يطلق عليه إجازة، فلم تكن هناك أعمال رسمية أو بورصة تجارية. وكانت الأيام متشابهة. وأجزم لو أن هناك دواماً في يوم الخميس وفي هذا الصيف اللاهب لرأيت المساجد في صلاة الجمعة تغص بالناس والشباب على وجه الخصوص بدلاً من الحاصل حالياً حيث لا يكاد يحضر للصلاة إلا القلة بسبب السهر.
ولست أدرك مبرر تأخرنا عن بلاد العالم وعدم تزامننا معهم سواء بالإجازات الرسمية الأسبوعية أو بداية الدوام أو أوقات الصلاة التي تحتاج لإعادة نظر في توقيتها عدا صلاة المغرب المرتبط وجوبها بغياب الشمس.
ولو طُبق تقديم ساعة أو ساعتين في الدوام أثناء الصيف أسوة ببعض البلاد التي لديها توقيت شتوي وصيفي بما يتواءم مع الأجواء الحارة لدينا، وتم تأخير صلاتي الظهر والعشاء؛ لكان فيه تسهيل على الناس وقضاء مصالحهم.
ففي الرياض صيفاً يرفع أذان الفجر الساعة الثالثة والنصف وتشرق الشمس الساعة الخامسة صباحاً. فالوقت الفاصل بين شروقها ودوام الموظفين ثلاث ساعات، وتقديم ساعة أو ساعتين في دوام الموظفين تمكنهم من الانصراف لمنازلهم وأدائهم صلاة الظهر بمساجدهم، مع تأخير صلاة الظهر ساعة كاملة اتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وتخفيفاً على المسلمين أثناء اشتداد الحر لحديث: (إذا اشتد الحر فأبردوا في صلاة الظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم). وضرورة تقليص الوقت الفاصل بين الأذان والإقامة لقرب المساجد حالياً من مساكن الناس ولتوفر دورات المياه بجانب بيوت الله العامرة بطاعته وذكره.
وليس أجمل من اجتماع الأسرة بعد صلاة الظهر مباشرة وتناول الغداء سوياً وعدم خروجهم وتعرضهم لحرارة شمس (القوايل) وبالتالي التخفيف من الأحمال الكهربائية وتقليل الضغط على أجهزة التكييف في الدوائر الحكومية والمؤسسات والشركات. وكذلك تأخير صلاة العشاء ساعة كاملة بحيث تجتمع الأسرة بعدها لتناول طعام العشاء وتخلد للنوم وتتمكن من أداء صلاة الفجر.
ولعلها فرصة أن أناشد وزارة التربية والتعليم بتقديم بداية العام الدراسي سنوياً بحيث تكون قبل شهر سبتمبر من كل عام، وتمديد إجازة نهاية العام للطلبة والمعلمين مراعاة للأجواء الحارة، وإغلاق محاضن رياض الأطفال ومدارس المرحلة الابتدائية حال انتهاء العام الدراسي وبدء إجازة معلميهم معلماتهم، فليس من الحكمة استمرار دوامهم مدة تفوق أربعين يوماً دون طلبتهم وبلا جدوى. فالدوام لا يعدو عن كونه هدراً وإسرافاً للطاقة بلا مبرر إطلاقاً!
ولا شك أن معلمي ومعلمات تلك المرحلتين يستحقون، وبدون فتوى، إجازةً أطول من غيرهم بسبب (مصالى البزارين، وحقانتهم)!
www.rogaia.net
rogaia143@hotmail.com