قبل أكثر من 15 عاما، كنت في المكتب الرئيسي للخطوط السعودية، وكنت حينها أمارس عادة التدخين السيئة -، وفي مكتب الحجز القديم بشارع المطار، أشعل أحدهم سيجارته، رفع موظف الخطوط صوته بشكل مفاجئ، مطالب المدخن الخروج من المكتب، أعاد المسؤول جملته بشكل حازم، (لدي قرار حكومي من خادم الحرمين بمنع التدخين في الإدارات الحكومية)، صمت الجميع باحترام واضح.
التدخين وقتها كان مسموحا ومتاحا في كل المواقع، باستثناء المساجد..؟، ومن الطبيعي أن تشاهد المدخنين يسحقون أعقاب السجائر تحت أحذيتهم، قبل الدخول إلى بيوت الله!
سنوات طويلة مرت، خلالها عبرت مطاراتنا وزرت مدننا، لكنني لم أواجه موقفا واحدا مشابها، لم أجد من يسأل أو يمنع الناس من التدخين أو ينهي عنه، لا في أماكن عامة أو حتى حكومية.
ورغم استجابة الخطوط السعودية للحظر الدولي على التدخين على طائراتها لاحقا، إلا أن المطارات ظلت أماكن تدخين للمسافرين، والعابرين، والعاملين في المطارات، بما فيهم الموظفين ورجال تطبيق القانون من عسكريين ومدنيين.
الأسبوع الماضي وافق مجلس الوزراء على إصدار لائحة لمنع التدخين في جميع المطارات الدولية والداخلية ومرافقها، وكلفت الهيئة العامة للطيران المدني بإصدار ضوابط لمنع التدخين، وفرض غرامة قدرها 200 ريال على المخالف.
ويتوقع البدء في تطبيق الغرامات على المدخنين قريبا، وخلال ثلاثة أسابيع ستصدر لائحة منع التدخين في المطارات، وقراراتها التي تشمل تطبيق الغرامات على المخالفين والجهة المسؤولة عن التنفيذ والتحصيل.
والحقيقة أن إشارات منع التدخين في المطارات، والنداءات الداخلية، كانت تحذيرية نظرية، تمنع التدخين في غير الأماكن المخصصة، لكن هذه تعد أول نظام غرامات يتم تطبيقها على المخالفين.
والتسريبات الصحفية تقول إن الهيئة ستضاعف الغرامات والجزاءات على الموظفين المخالفين للقرار الجديد في المؤسسات العاملة العاملة في المطارات، مثل موظفي الطيران المدني، الخطوط، الجمارك، والمؤسسات المدنية والعسكرية، وهو الأمر الذي سيكون محل ترحيب وخطوة مهمة في التطبيق والإلزام، الحازم ليشمل الجميع، بداء بأهل المطارات، في خطوة نأمل أن تكون اتجه إلزامي أولى لتنقية الأجواء في كل المواقع العامة قريبا.
وسبق أن سمعنا بمبادرات لتحويل مكة والمدينة المنورة مدن خالية بالكامل من التدخين، ومُنع بيع السجائر فيهما، وهي أمنيات لم تتحقق، لكنها الأقرب بحكم قيمة المكانين وقدرهما.
ولعل الأمانات والبلديات ووزارة الصحة، تبادر في هذا الشأن، نحو برنامج استرتيج تدريجي لحماية الصحة العامة، وصولا إلى حظر شبه شامل للتدخين في المملكة العربية السعودية.
إلى لقاء