بريدي الإلكتروني منهك جداً من كم الرسائل التي تصل إليه خلال الأربع والعشرين ساعة والتي تحمل الكثير من الآراء والمقترحات، وبالذات فيما يخص القضايا الجدلية التي تثار في الصحافة المحلية، وعلى رأس ذلك القضايا ...
... الخلافية بين المحافظين، وما يمكن أن يطلق عليهم باللبراليين، على الرغم من تحفظ كثير من الكتاب وأصحاب الفكر على هذه التسمية باعتبار عدم وجود أشخاص يؤمنون بهذا الاتجاه أو يطبقونه في مجتمعنا، ومع ذلك فإنني أؤمن أنه اتجاه بدأ يغزو العالم قاطبة.
«ما علينا» المهم في الأمر هو قضية الرسائل التي لا أقوى على تصفح الكثير منها، هناك مجموعات تسمي نفسها تسميات كثيرة - مثل محب الخير، الدين واضح، واخترت لك، وغير ذلك من المجموعات التي لم أرغب في الاشتراك بها يوماً، ولم أطلب ذلك، ولكنهم من باب حرصهم على نشر الخير وضعوني ضمن هذه المجموعات التي تصل إليها الرسائل بشكل تلقائي وفي كل ساعة بث، حتى أنني أصبحت أتجاهل كثيراً من هذه الرسائل لضيق الوقت، ولكوني أعرف ما تتضمنه من نصائح، ومن الدعوة الحثيثة لأن تقوم بإعادة إرسال هذه الرسالة حتى تلقى الله مأجوراً على ما فعلت، مؤمنين تماماً بأنه ليس من الممكن أن يكون وقتك لا يسمح بإعادة إرسال هذه الرسائل لكافة المضافين لديك، مع العلم بأني لو نفذت ما يطلبون لقضيت نصف نهاري في إعادة إرسال ما يبعثون به، وذلك نظراً لكثرة تلك الرسائل، وأنا أؤمن تماماً بأن الأجر والثواب لا يقتصر على القيام بإعادة إرسال هذه الرسائل التي كثير منها لا يحمل مضموناً يستحق الالتفات إليه، وكثير منها من باب الترغيب أو الترهيب، ليست من القضايا المصيرية لا دينياً ولا اجتماعياً، المسألة يا سادتي هي قضية الوصاية، وهؤلاء الذين يفكرون بهذه الطريقة، هم يؤمنون تماماً بأهمية أن يقوموا بإعادتك، وإعادة كل من هم على غرارك إلى جادة الصواب -من وجهة نظرهم هم- مع أن الحقيقة نسبية، وخاضعة للظروف التي تنشأ إن كانت حقيقة، والقناعات المرتبطة بتطبيق الأمور التي تعد من السنن، أو ربما من الفضائل هي خاضعة أيضاً للإيمان بتلك المبادئ، وربما تطورت تلك القناعات، أو فهمت بطريقة صحيحة أو أكتشف أن من قام بطرحها كان صاحب مصلحة ما، في وقت من الأوقات، وربما الأحداث المتسارعة التي حدثت أبان العقد الماضي، سياسية كانت أو اجتماعية، والتحولات التي صاحبتها على مستوى الشعوب الإسلامية والعربية، تجعل كثيرا من القناعات لدى مثل هؤلاء تتحلحل، أو دعونا نقول تتطور، عندما تتكشف لهم كثيرا من القضايا التي كانت من صميم مبادئهم أنها لم تتشكل سوى في ظروف معينة، ولمصلحة ما، وجب عندئذ أن تتطور أفكارهم، وأن يتجاوزوا فكرة الوصاية على أبناء المجتمع، وأنهم هم من سيقومون بإصلاح كل فئات المجتمع، خاصة إذا ما آمنا جميعاً بأننا مسلمون، وأن ديننا الإسلامي هو الدين الخاتم الذي نزل من عند الله على نبينا محمد -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم- وهو الدين الذي يحترم البشر، ويعطي قيمة للإنسان أياً كان، وهو الدين الوحيد الذي يشترط الحرية قبل فرض العبادات - كما في الفقه الإسلامي، عندما نكون جميعاً مؤمنين بذلك، تبقى القضايا الخلافية مسألة ليست جوهرية، ومسألة خلاف حول رأي، وبالذات ما يخص المسائل المرتبطة بالمرأة مثل قيادة المرأة للسيارة، وعمل المرأة، وقيامها بتعليم الطلاب في الصفوف الدنيا - المسألة الأكثر جدلاً هذه الأيام، إلى غير ذلك، ومع ذلك كله يظل من حسنات هذا الكم من الرسائل، هو قيام المتبرعين بإرسالها بمناقشة بعض المقالات أو الأخبار أو القضايا التي تطرحها الصحف المحلية، ثم يقومون بإحالتنا للجهة التي قامت بنشر ذلك الموضوع مما يتيح لنا المجال للاطلاع على هذه القضايا، ويؤدي إلى اطلاعنا على بعض الموضوعات التي لم نتمكن من متابعتها.
Kald_2345@hotmail.com