Al Jazirah NewsPaper Friday  25/06/2010 G Issue 13784
الجمعة 13 رجب 1431   العدد  13784
 
مسؤولية
يوميات المبتعثين (التعلّم)
ناهد سعيد باشطح

 

فاصلة:

(ينبغي كسر النواة للحصول على اللوزة)

-حكمة يونانية-

لدى المبتعثين إلى الخارج للدراسة إنجازات علمية مشرفة وهم شباب يثلج الصدر مشوارهم العلمي ويشعر الفرد منّا بنشوة غامرة أن الطالب السعودي لديه إمكانات وقدرات متميزة في بلاد بها نظام التعليم يتفوق على الدول العربية.

ولكن أحيانًا تختلط عندي مشاعر الفرحة بالتساؤل: هل كان ابتعاثنا إلى الخارج نحن الطلاب لأجل أن ندرس ونتفوق علميًا أم أن هناك أهدافًا غفلنا عنها لا تقل أهمية عن التعليم والتفوق الدراسي؟!

هل الهدف الأساسي لابتعاث الطلبة هو التعليم أم التعلّم أم كلاهما معا؟

لو أن طلابنا جميعًا اهتموا إلى جانب التعليم بعملية التعلّم لما كان يعودون بأعلى الشهادات العلمية لكنهم بذات التفكير النمطي وكأنهم لم يعيشوا سنوات عدة في مجتمعات منفتحة على العلوم والمعارف والثقافات المتنوعة.

لو كان طلابنا مدركين لأهمية العلم لما كانوا يعودون ومازالوا لا يتقبلون الرأي الآخر فقط لأنه مختلف عن رأيهم، ويحاكمون الأشخاص الذين هم من نفس بلدهم وفقًا لأصولهم قبلية أو ليست قبلية دون النظر إلى أعمالهم، لأنهم وهم في بلاد الغربة ما زالوا ينعتون الأشخاص، ب(قبيلي، خضيري، حضري)، بينما ينتقدون عنصرية الغرب!!

وفي بلاد الغربة تجدهم غير ملتزمين بقوانين البلد الذي يدرسون بها لمجرد أنها بلاد كفار في فهم عقيم لمعنى الإسلام الحقيقي المنفتح على جميع الثقافات دون توجس أن تتغير ثقافته وتجدهم يشتمون سرًا وعلنًا البلدة التي ابتعثوا للدراسة فيها لمجرد أن القوانين والأنظمة تزعج اتكالهم ومزاجيتهم.

وما زال بعضهم يهتم بمناقشة أتفه الأمور في العلاقات الإنسانية دون اكتراث لأهمية الوقت واختلاف الناس بعضهم عن بعض في القيم والتفكير وردود الأفعال حتى لتعجب أي مقدار من النضج العاطفي يمكن أن يتمتعون به.

من المؤسف أن عددًا كبيرًا من الطلاب لا يكتسبون من رحلة الابتعاث سوى المعلومات في جزئية محددة من تخصصهم فقط مع أن تجربة الابتعاث هي فرصة كبيرة للتطوير من خلال عملية التعلم، حيث يتم تعديل السلوك الثابت نسبيًا عن طريق التدريب، في تجربة الابتعاث هناك كمٌّ كبيرٌ من المعارف والمهارات تقدم للطالب، لكن عملية التعلّم لا تتم إلا عن طريق بذل ذلك المتعلم جهدًا يحاول من خلاله تعلم تلك المعارف أو المهارات ومن ثم اكتسابها، بعض الطلاب يتعلمون فقط ويقفلون الباب في وجه أي محاولة للتعلّم، ولذلك يعود من رحلة الابتعاث بشهادة تثبت أنه قد اكتسب معلومات في مجال تخصصه.

ولكن هل تحتاج بلادنا فقط إلى معلومات موجودة في الكتب والمراجع وفي شبكة الإنترنت؟ أم أننا بحاجة إلى جيل قادم بعزم أكيد على تطوير وتحديث بلاده، فالبلاد لا تتطور بالعلوم فقط وإنما من المهم أن تكون هناك عقول منفتحة وليست مغلقة على عالمها لتعمل على استمرارية بنائها في عصر متجدد سريع الإيقاع.



nahedsb@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد