Al Jazirah NewsPaper Friday  25/06/2010 G Issue 13784
الجمعة 13 رجب 1431   العدد  13784
 
في رثاء عبدالله المعيوف (أبو سامي)

 

الأجل قادم لا محالة، قال تعالى: (وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

وفي هذه الحياة أناس يحزن الفؤاد لفقدهم لما ذكروا به من الخير، وأحسب أن منهم أخينا عبدالله بن أحمد المعيوف (أبو سامي) رحمه الله - الذي وافاه الأجل ليلة الأربعاء الموافق 28-5-1431هـ في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، إذ أصيب بأزمة قلبية فمات بسببها - رحمه الله - عرفت أبا سامي واصلاً لرحمه رقيق القلب قريب الدمعة، كما عرفته حريصاً على خدمة والديه ذو بر بهما، وقد أدركت والده على كبر سنه وإذ به يحيطه بعنايته ورعايته، ومما سمعته عمن أثق به عن بره بوالده - رحمهما الله - أنه في اليوم الذي حضرته الوفاة طلب والده منه أن يأتي له بنوع من الفاكهة لم يكن موسمه، ففرح لطلبه وأخذ يسعى بسيارته يمنةً ويسرةً يتلمس الأسواق الكبيرة التي من الممكن أن تتوفر فيها تلك الفاكهة فلما عاد إلى البيت وإذا بوالده قد فاضت روحه إلى بارئها غفر الله لهما، وكذلك من عظيم بره لوالدته - حصة بنت محمد بن عبدالله المشاري - والتي كانت تتميز بالصلاح وسداد الرأي ورجاحة العقل، ومما سمعته عن والدي ما سمعه من جده الشاعر سليمان بن مشاري - رحمهم الله - أنه كان يثني عليها في حكمتها وسداد رأيها، فمن بر أبي سامي بوالدته طاعته لها عندما طلبت منه أن يتزوج أرملة أخيه الشقيق الوجيه في قومه الأستاذ - عبدالعزيز - الذي مات في حادث على طريق مكة - وذلك بعد انقضاء عدتها لئلا يبتعد الأبناء عنهم، ولأجل العناية والتربية لأبناء أخيه الأربعة الذين كانوا صغاراً حينها، وهم في حاجةٍ لمن يعوضهم حنان الأب، فما كان منه إلا أن استجاب لطلب والدته فتزوج بأرملة أخيه وحرص على تربية أبنائه وأحسن في ذلك إلى أن كبروا، كما رزق منها بابنه سامي وابنتين، ثم تزوج بامرأة أخرى ورزق منها بخمسة أبناء وابنة واحدة أصلحهم الله جميعأً.

ومما عرف عن أبي سامي حبه لمساعدة الآخرين عندما يحتاجون إلى المال فيقرض أحدهم بطيب نفس وبشاشة، ويقول للمقترض لا تثقل على نفسك فمتى ما توفر المبلغ لديك وأنت لست بحاجةٍ إليه فيمكنك رده. ومما تبين من سيرته أن حب الخير وفعله يسري في عروقه، كما كان محباً لمجالسة الصالحين، ومن ذلك أنه كان يحرص على استقبال طلبة حلقات تحفيظ القرآن الكريم في استراحته الخاصة ولا يتوانى في تقديم الخدمة لهم ويفرح بهم، ومما سبق يعلم القارئ الكريم أن هذه الأفعال الخيرة تدل على كرمٍ جبلي وسماحة نفس، وقليل هم أولئك الذين جبلوا على نفع الناس ومساعدتهم.

ومن المواقف التي لن أنساها ذلك الموقف الذي رأيته منه عندما زار صديقه الذي أصيب بمرضٍ اشتدت عليه وطأته، فلما رأى ما عليه من حالٍ لم يتمالك نفسه إلا أن أجهش بالبكاء أمامه. نعم لقد عرفته ذو مشاعر صادقةٍ ممتزجةٍ بصفاء وسلامة القلب..

ولئن مات أبو سامي فلن تموت ذكرى تلك الأوقات التي جمعتني به، والتي من آخرها عندما زرته في استراحته في العمارية، وبعدها في زواج أحد الأقارب، غفر الله لأبي سامي ووالديه وعفا عني وعنهم وأسكنهم الفردوس الأعلى في الجنة، وألهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان، والحمد لله أولاً وآخراً.

عمر بن عبدالله بن مشاري المشاري - خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد