بالأمس، جئتِ تزورينني في المنام نوَّارة، قلتِ لي ما أعرفه عنكِ، ولما يتبدّل شيء في غيابكِ، شجرة السنديانة لم يبقها د.عبدالرحمن، انتزعتها معاول بنائه، واحتل مكان جذرها سورٌ نصفي يلفه بساعديه، بقى هناك شيء من طيوفنا، لا أحسب أن صدى أصوات فرحنا وحزننا قد غادرت المكان، وإن آل لغيرنا، بالتأكيد ما أحدثته الثورة العلمية الحديثة بمنجزات التقريب في كل شيء، وإشاعة الأصداء حيث يتحرك الخلق، بصمة أكيدة بأنها باقية، أخشى أن نكون في أحلامهم ورؤاهم، فقد كنتِ تزرعين تلك الأرض بيديكِ، وكنتِ تزخين عليها ماء نبعكِ، وكنا نقطف الورود لتكون أول تحياتنا لمعلماتنا في الصباح..
بالأمس نوَّارة تركتُ هنا لقرائي وقارئاتي عبارة أحسبها خلاصة رحلة ابتدأت من عند كفيكِ لآخر خطوة في سديم حركتي نحو قاعة الدرس، قلتها وكلي إيمان بإجاباتها الكثيرة التي أتوقعها من النابهين اليقظين عند مقدم الصبح وإدبار النجوم, هذه العبارة:
(لا أترك الحديقة من خلفي، ولا آسى على الطريق، لكنني أتفكر في حمولة العربة التي ستأتي...) ..وأتذكركِ، فالعربات جزافا تعبر، والحدائق بلا حصر تختفي، والطرق تلتهم الدواليب، ويبقى فضاء التفكر في الذي سيأتي، حتى يأتي الذي سيأتي، ثم تأخذه الدواليب ويصبح ماضيا، ولا يزال القادم موضع التفكر، وأنتش تجيئينني كلما لف السؤال في رأسي دواليب العربة، واتخذت من شذى ورودك زخا يندي الطريق.. ويرطب الفضاء..
وأنتِ نوَّارة في قادم الآتي... إجابة دعاء حين اللقاء..