منافسة نهائيات كأس العالم لكرة القدم داهمت التلاميذ والطلاب وأربكت برنامجهم للمذاكرة استعدادا للاختبارات النهائية للعام الدراسي الحالي، حوصر الطلاب إعلاميا بالكرة ومتابعتها وتحليلاتها المقرونة بالتوقعات ومطعمة باللقطات النادرة والتعليقات المثيرة حينا الساخرة حينا آخر؛ فهذا ما يطلبه الفتيان والشباب، وتميل إليه أنفسهم، فكرة القدم تلائم عنفوانهم وميلهم للتنافس والمغامرة، ولوسائل الإعلام الحق في استثمار المناسبة لتحقيق مكاسب هي عمادها للاستمرار والنجاح، كما أن المضمار يكون قد فتح أمام الفنون الإعلامية الصحفية للتنافس بينها لتقديم المزيد من الابتكار والإبداع وجذب المشاهدين والقراء والمستمعين، وهذه المنافسة محك اختبار لا ترغب أي وسيلة إعلامية خسارته أوالإخفاق فيه لاسيما أنها أمام شريحة عمرية كبيرة من المشاهدين لا مواربة عندهم أو تردد في متابعة من يقدم الأكثر إثارة وجاذبية لمعشوقتهم المستديرة (كما يقولون) ولا يبخلون على أنفسهم في البذل على هذه المتعة التي ينتظرونها كل أربع سنوات.. وأجد نفسي راغبة بالتوقف عند توقيت بداية المنافسة الكروية ومصادفتها لتوقيت الاختبارات في بلادنا، فما دام الأمر معروفا سلفا والجهات المعنية لديها علم بذلك فلم لا يكون التنسيق مسبقا أيضا لتدارك الأسباب المربكة للطلاب في مذاكرتهم والتأثير على تحصيلهم العلمي وتقديمهم نتائج أفضل في الاختبارات كأن يتم تقديم موعد الاختبارات عن مدة عشرة أيام قبل بدء التنافسية الدولية في اللعبة المحببة لدى فئة الشباب خاصة، وهذا لا يتم إلا مرة كل أربع سنوات في حال مصادفة موعد الاختبارات لموعد التصفيات النهائية، ولن تؤثر الأيام العشرة لمرة واحدة من عدة أعوام، غير أن فوائدها ستكون واضحة وجلية على نفسية الطلاب وتركيزهم في مذاكرتهم.. ولا يستطيع إنسان كبح رغبات وميول الفتيان وثنيهم عن متابعة لعبتهم المفضلة حتى لو بذلنا مزيداً من المحاولات والجهود لإقناعهم بذلك، فلا يمكن أن تضع أمام مراهق وشاب ما يحبه جداً ويبحث عنه ثم تطالبه بالانصراف عنه إلى الكيمياء والفيزياء والرياضيات المعقدة (حسب رأيه)، كيف تريده أن يصرف نظره عن إبداعات (ليونيل ميسي.. كرستيانو رونالدو.. تيري هنري) إلى (معادلات تفاعلات الأكسدة والاختزال الكيميائية) أو تصرفهم عن مفاجأة اللاعب السعودي الدولي السابق، الإداري والمحلل الحالي سامي الجابر حينما انقطع صوت المترجم في التحليل قبل المباراة بين المنتخبين البرازيلي والكوري الشمالي فبادر اللاعب المتحضر المتعلم الراقي بالتعليق مترجما بما يجيده من لغات متعددة، وقدم أنموذجا للاعب السعودي المثالي الذي يعطي صورة طيبة عن مستوى الشباب السعودي المؤهل الناجح في مجالاته وبينها الرياضة وما يمكن أن يكتسبه اللاعب من مهارات رياضية ولغوية وأخلاقية تنم عن ذوق رفيع وعقلية ناضجة يؤمل أن تتوفر لدى الأكثرية من اللاعبين في أندية المملكة ومنتخباتها على كافة المستويات والألعاب المختلفة، وليس ببعيد من هذا الوصف حكمنا الدولي خليل جلال الغامدي الذي قدم بدوره انطباعًا جيدًا وصورة زاهية جميلة عن مستوى الرياضة بالمملكة وهو يقود باقتدار ما خص به من مباريات نهائيات كأس العالم وأثبت أن الحكم السعودي لا يقل شأنًا عن زميله في الدول المتقدمة في احتراف كرة القدم.