Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/06/2010 G Issue 13782
الاربعاء 11 رجب 1431   العدد  13782
 
«من جاء حياه الله؛ ومن راح ما يشوف شر»!!!
د. محمد أبو حمرا

 

يقول أحد من أعرفهم: «احذر أن تصاحب من كانت نوعيته كذا وكذا؛ فهو يصاحبك لحاجة؛ فإذا انتهت حاجته قلب ظهره وانكمش عنك». قلت: «اطمئن؛ لا حاجة لأحد عندي». قال: «أنا أنصحك فقط».

عجبت من قول صاحبي؛ وأعدت شريط الذكريات لشخوص كثيرة عرفتهم وعرفوني؛ وكانوا أصحابا لي منهم من كان في المتوسطة وفي الثانوية وفي الجامعة وفي الماجستير؛ وأيام الغربة في أمريكا؛ وأحصيت تلك الجماجم؛ فوجدتها كثيرة جداً؛ لكن التواصل معها أصبح مفقوداً بحكم العمل أو السكن أو نحوه؛ وحتى الهاتف بيني وبين معظمهم انقطع؛ لأنه أصبح وزيراً أو وكيل وزارة أو عضواً في مجلس الشورى؛ حتى من كنت أحملهم على سيارتي للمعهد العلمي بالبطحاء ونحن في منفوحة أصبحوا أصحاب مليارات؛ فنسوا أبا ناصر الذي كان صديقاً لهم وكانوا لصيقين به!!

تذكرت قول صاحبي؛ وتذكرت المثل النجدي القديم القائل «من صاحبك على شيء تركك لفقده» لكني بدأت مطمئناً لأن لا شيء عندي غير «علوم الرجال» وهي مجرد «سوالف وتعارف» في ملحق منزلي الذي بدأت أستقبل فيه منذ أكثر من ستة عشر عاماً مضت؛ وهو مجلس يجمع كثيرين من الكتاب والباحثين والشعراء والأصدقاء؛ وربما حصل بينهم نقاش يجعل بعضهم يغضب من بعض؛ لكن الضحية أنا؛ حيث يعود إليّ كل واحد منهم وهو يقول: لماذا يهضمني فلان حقي في مجلسك؟ فأقول: هذا مجلسكم كلكم لا أنا؛ ثم أنتم رضيتم بالنقاش في هذا الموضوع فلماذا الحساسية.؟. ولأن مجلسي لا تدار فيه صفقات تجارية أو مبايعات عقار أو نحوه؛ بل يدار فيه دلّة قهوة وتمر وشاي؛ فقد سماه أحد مرتاديه ب»مجلس الفقر» حيث يخرجون ولا يضاف إلى ما في جيوبهم شيء مادي من مجلسي؛ مع أن مجلسي لا يأخذ من جيوبهم شيئاً أيضاً!! فعلاً أعدت النظر في كلمة صاحبي الذي قال: لا تصاحب النوعية الفلانية لأنهم أصحاب مصالح ولا خاتمة لهم؛ فبدأت أدقق فيما قال ولكني لم أحسب له حسابات كثيرة؛ مع أن لا داعي لأن أحسب؛ لكن ما يجعلني أطمئن أني أمتلك عبارة ورثتها من أجدادي كما ورثها غيري؛ وهي عبارة مشاعة تقول «من جاء حيّاه الله؛ ومن راح ما يشوف شر» وهي حكمة جمعت معاني كثيرة؛ أولها التسامح عن الناس وعدم الاهتمام بالتفاصيل والجزئيات الكثيرة التي لا يهتم بها إلا الضعفاء؛ لأن الكبير لا ينظر للصغار والصغائر؛ بل يسمو محلقاً كالصقر الأشم؛ ولأن الدنيا كلها لا تستاهل أن تعيش لحظة نكد وكمد على خطأ لم تفعله؛ بل تستحق الحياة الفرح والحب والوفاء للناس حتى ولو لم يكن الوفاء من طباعهم؛ فهل نعمل بهذا المبدأ النقي أم أننا نجد من «ينقنق» ثم نكون مثله؟ الجواب يجب السمو فوق أحاديث الهراء فهي ليست للرجال «من جاء حياه الله ومن راح ما يشوف شر» والله المستعان.



abo_hamra@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد