في هذا المونديال حدثت أشياء كثيرة ذكّرتنا بما يحدث لدينا في المملكة أو في بعض دول العالم العربي؛ فقد بدأها مارادونا بتصريحات ملتهبة ضد بيليه وبلاتيني، لعل أعنفها حين قال «إن مكان بيليه هو المتحف»، وتوقعنا أن مارادونا استثناء لأسباب كثيرة، منها ما هو بسبب الجغرافيا، ومنها ما هو بسبب التاريخ الخاص باللاعب. ولكن فاجأنا الأوروبيون الذين كانوا مضرب المثل في الاحترافية في العمل واحترام الآخرين.. فاجؤونا بتصريحات منفلتة، وبعدها بأفعال غريبة عجيبة دفعت السياسيين للتعليق عليها.. فبكنباور قيصر الكرة ونجم الدفاع المتفرد يسخر من كابيللو ويقول «إن طريقة لعب إنجلترا قديمة»، ويصفها ب»طقها والحقها»، وهذه العبارة من قاموسنا سرقها القيصر ورمى بها الإيطالي كابيللو. الصحف الإنجليزية وجدت في القيصر مادة دسمة ومارست معه الإسقاط فهاجمته لتنسى معاناتها مع منتخب المعاناة. وبعدها بأيام المنتخب الإنجليزي - وباتفاق بين نجومه بقيادة تيري - يبدؤون العصيان ضد المدرب ويحتجون على تصريحاته، وأنيلكا النجم الفرنسي يهاجم مدربه دومينيك خلال لقاء المكسيك ويتلفظ عليه بألفاظ وقحة لا تصدر من مراهق، فما بالكم بثلاثيني بعمر وتجربة أنيلكا؛ فيُطرد اللاعب، ولكنَّ اللاعبين يحتجون ويرفضون التدريب تماماً كما يحدث من بعض فرقنا حين يشعر بعض اللاعبين الكبار بتهميشهم من قِبل المدرب فيخططون عليه حتى السقوط.. حادثة الفريق الفرنسي دفعت رئيس الاتحاد جان بيار ايسكاليت إلى التبرؤ مما حدث لدرجة أنه قال: «هؤلاء لا يمثلوننا»، ودفعت كبار السياسيين إلى التعليق على الإضراب الذي انتهى باستقالة مدير الفريق وباشتباك مدرب اللياقة مع إيفرا.. كل هذه الأحداث تُنقل للرأي العام لحظة بلحظة؛ فلا مجال للشائعات أو الصمت عن المشاكل بالهروب إلى الأمام حتى تتفاقم، وكل يتداولها بحسب رؤيته وميوله وانتمائه.. وهذا هو الفارق الوحيد بيننا وبينهم؛ فبعد أن رسب الاحترافيون في التعامل مع الأحداث باحترافية وأصبحوا مثلنا بقي أن نلقنهم في المونديال المقبل كيف يختلقون الشائعات وكيف تكون عملية استئصال الزائدة الدودية لقائد المنتخب طعنة في المعسكر بسبب خلاف لم يحدث!!

ومع المونديال يتجدد الحديث غداً.