لم يعد الأمر مقصوراً على المختصين والخبراء المتخصصين في القضايا الإستراتيجية والسياسية، إذ الجميع بات متأكداً بأنَّ منطقة الخليج العربي باتت بين خيارين في هذا الصيف الساخن مناخياً، والمتهيئ لولوج حالة أكثر سخونة، وهي حالة الحرب التي قد تحصل إذا لم تحسب الأطراف الدولية والإقليمية حساباً لتصرفاتها وأفعالها وحتى أقوالها. فالمنطقة الخليجية بين حالة حرب قائمة، وحالة استقرار وسلام تتيح لدول الخليج العربية تنفيذ برامج التنمية التي بدأتها وتريد استكمالها.
إذن ليس فقط وحدهم الخبراء يعرفون بأنَّ مخاطر الحرب تهدد المنطقة، إلا أنَّ أهل الخليج والذين يعملون في الخليج ويكسبون ويشاركون أهله ما تدره مشروعاته من أرباح ليسوا هلعين ولا متخوفين من هذه النظرة التشاؤمية التي حتى وإن اكتسبت مقومات الأخذ بها نتيجة ما يحصل على أرض الواقع، وحتى مياهه التي أخذت تشهد على سطح بحاره وخلجانه حشداً عسكرياً بحرياً تشارك فيه ولأول مرة بوارج حربية تحمل أسلحة نووية كالسفن الأمريكية والإسرائيلية التي تحولت قبل أيام من البحر الأبيض المتوسط إلى الخليج العربي عبر البحر الأحمر.
ومثلما يتخوف الخبراء من هذه الاستعدادات الحربية، ينظرون بعين أخرى إلى جهود الحكماء في المنطقة، الذين يبذلون جهوداً مكثفة لتجنيب المنطقة أية مغامرة حربية مدمرة، ويحاولون معالجة مشاكسات المغامرين الذين لا يمكن أن تستمر أنظمتهم إلا في ظل التوترات الإقليمية، ولهذا فهم يصنعون أعداءهم ويعملون على الدوام لتوتر الأوضاع حتى يضمنوا البقاء.
ومثلما تُبتلى الشعوب بتسلق حكام حمقى يورطون شعوبهم والمنطقة التي يوجدون فيها، فإنه في المقابل يمنح الله الحكمة والحنكة لقادة آخرين لا يقودون سفينة بلادهم إلى بر الأمان فحسب، بل أيضاً تكون قيادتهم لإحدى دول الإقليم منفعة وفائدة لدول أخرى ابتليت بقادة يؤججون الأوضاع ويجلبون المخاطر لدولهم.
وهنا في إقليم الخليج العربي ومن دون مواراة ولا حتى التقليل من شأن أدوار الآخرين، فإن الخبراء يعدُّون المملكة العربية السعودية وإيران أكبر قوتين إقليميتين، وهكذا إذا ما قادت إحدى القوتين وهددت أفعالها الإقليم، فإنه من حسن حظ شعوب ودول المنطقة وجود قيادة حكيمة وأفعالها رزينة لا توازن فقط بين انفلات الجهة الأخرى بل أيضاً في حماية الإقليم والمنطقة من فداحة الأخطاء.
من هذا المنظور يُنظر إلى المباحثات التي سيجريها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومع قادة الدول الذين سيلتقي بهم خادم الحرمين، وهم من قادة الدول الكبرى والمؤثرة التي تصنع القرار الدولي وتنفذه والقادرة على وقفه. وهكذا فإن الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيحمل هَمَّ أهل الخليج، موضوع تجنيب المنطقة وإقليم الخليج العربي الحرب القادمة.
***