أسبوع وتبدأ إجازة الصيف التي يُفَضِل البعض قضاءها خارج الوطن. «السفر قطعة من العذاب»، إلا أن الكثير بات يتلذذ بعذابه، وينغمس في ملذاته المباحة. نحسن الظن، برغم بعض المشاهد المؤلمة التي تنقلها وسائل الإعلام عن بعض السواح العرب،
والسعوديين منهم على وجه الخصوص.
لم يعد السفر آمنا، كما يُعتَقد؛ فهناك العصابات المتربصة بالسائح العربي، وهناك الأنظمة والقوانين التي قد تَقذف بالسائح المسكين إلى غياهب السجون ولسنوات طويلة حين مخالفتها ولو من باب الجهل لا القصد، والأمراض الخطرة، والثقافات المتنوعة التي باتت تسبب حرجاً حقيقياً للمسافرين، ولوطنهم الذي أصبح في كثير من الأحيان عرضة للتندر والقصص الإعلامية الساخرة!.
تسعى العصابات إلى الاستفادة من موسم الإجازات قدر المستطاع، ويمثل السائح السعودي هدفاً لها؛ فتتنوع أهدافها بتنوع تخصصها الإجرامي، وإن كنت أعتقد أن عصابات سرقة الجوازات السعودية ونسخها بقصد تزويرها واستغلالها في أعمال تتعارض مع الأنظمة والقوانين تشكل الخطر الأكبر على المسافر السعودي الذي قد يُصبح، مستقبلاً، متهماً في قضايا إرهابية لا علاقة له بها. المحافظة على جواز السفر، وعدم تسليمه إلى أي جهة كانت، خاصة الفنادق، والشقق، والالتزام بالإرشادات الرسمية التي تصدرها السفارات السعودية في الخارج، أو وزارة الخارجية تجنب المسافر الكثير من الأخطار المتوقعة.
أفراد عصابات بيع العملات المزيفة يشكلون خطراً على السائح الكسول، والجشع أيضاً، من خلال بيعهم العملات المزيفة بأسعار تفضيلية، أو تحت إغراء توفير الخدمة للمشغولين (الكسولين) ما قد يجر السائح إلى قضايا خطرة على علاقة بترويج العملات المزيفة. حمل مبالغ ضخمة من النقود تعرض المسافر لأخطار قانونية، وتجعله هدفاً للمجرمين. أعتقد أن بطاقات الائتمان، وبطاقات الصرف الآلي الدولية يمكن أن تكون البديل المناسب لحمل النقود في السفر، في الوقت الذي تكون فيه البنوك أكثر موثوقية وأماناً في التعامل.
الاعتقاد بأهمية البطاقات الائتمانية، والصرف الآلي الدولية لا تعني ضمان توفر الأمن الكلي لحامليها، فعصابات سرقة بيانات تلك البطاقات ربما كانوا بالمرصاد للسائحين، لذا يفترض أن يكون حامل البطاقة أكثر حذراً في التعامل بها مع الآخرين. عدم استخدامها في الأماكن المشبوهة، واستخدام مكائن الصرف الآلي الملحقة بالبنوك في حال السحب، وتجنب المكائن الطرفية المستقلة، والتأكد من خلوا قناة إدخال البطاقة من أية أجهزة مضافة لها، أو مركبة بطريقة تثير الشبهات، والمحافظة على سرية المعلومات، ومتابعة الحساب بدقة، وإبلاغ البنك المصدر عن فقدانها أو سرقتها وأخذ تقرير من الجهات الأمنية، وتغيير الرقم السري بطريقة دورية، خاصة بعد العودة من السفر، يمكن أن يجنب حامل البطاقة الكثير من الأخطار بإذن الله. معظم دول العالم تشترط وجود رقم سري لحاملي بطاقات الائتمان، وهي متوفرة محلياً إلا أن كثيراً من عملاء البنوك لا يتسلمون أرقامهم السرية إما لعدم إلمامهم بأهميتها، أو بسبب النسيان ما يجعلهم غير قادرين على استخدامها في بعض الدول. البنوك ملزمة بتثقيف العملاء بأهمية الأرقام السرية الخاصة ببطاقات الائتمان، وتسليمها لهم قبل موسم الإجازات.
أجهزة الكومبيوتر المحمول، المرافق الشخصي لكثير من المسافرين والمسافرات، قد يُدخلهم في قضايا قانونية في حال احتواء الأجهزة على برامج منسوخة بطرق غير شرعية. بعض الدول تفرض غرامات مالية مرتفعة، وعقوبة السجن على المخالفين لقوانين حقوق الملكية. إحدى الدول الأوروبية حكمت بالسجن ثلاث سنوات على شاب وجد في جهازه المحمول على برامج مقلدة. الأمر ينطبق على الهواتف النقالة، وملفاتها المصورة الخادشة للحياء، أو المرتبطة بالعنف والإرهاب. الأمر يقودنا إلى تحذير النساء من حمل الحقائب اليدوية، أو حقائب السفر المقلدة للماركات العالمية، فالسجن والغرامة ربما كانت في انتظارهن بتهمة الشراء والاستخدام العلني لا البيع في هذه الحالة.
بعض الدول الأجنبية تكثر فيها عصابات المتاجرة بالأعضاء البشرية، وهو ما يشكل خطراً محدقاً بالأطفال، ما يستوجب أخذ الحيطة والحذر حيال ذلك. الأطفال أيضا قد يتسببون بمشكلة كبيرة للوالدين، فالثقافة العربية في التعامل معهم، خاصة ما يتعلق بالتعنيف، وربما الضرب، قد يؤدي بأحد الوالدين إلى السجن بسبب الاعتداء الجسدي على الأطفال. أما مرافقة الخدم فهي القنبلة الموقوتة لكثير من الأسر السعودية. إدعاء الخادمة بسوء معاملة الأسرة لها، أو التحرش قد يكلفهم ثمناً باهظاً. إدعاء الخادمات قد يحدث لأسباب طلب اللجوء، أو الحصول على فرصة عمل وإقامة دائمة، وقد يكون مُخطط له من قبل استخبارات أجنبية إذا ما كان المُستهدف مطلوباً. عدم اصطحاب الخادمات والاستعاضة عنهم بالبدائل في البلد المستهدف، إن كان هناك ضرورة ملحة، هو الأسلم في هذه الحالة.
أخيراً كثرت عصابات استغلال رجال المال والأعمال، والشخصيات المهمة، في بعض الدول العربية، للأسف الشديد، وبعض الدول الأجنبية. تمتلك تلك العصابات شبكات تجسس خاصة، وتقنية عالية في كاميرات التصوير، والتنصت خاصة في لبنان، سوريا وبعض الدول الأجنبية. تعتمد تلك العصابات على الإغراء للوصول إلى أهدافها المحددة. ومن ثم تبدأ مرحلة الابتزاز المنظم الذي قد يكلف المتورط عشرات الملايين بحسب ملاءته المالية، وأهميته الاجتماعية. يتغلغل أفراد عصابات الابتزاز في الأماكن الحساسة التي يرتادها السياح، وبخاصة الفنادق والملاهي الليلية. قد تتجاوز أهداف عصابات الابتزاز الكسب المادي، إلى تجنيد المستهدفين حال وقوعهم، لتنفيذ عمليات تهريب المخدرات، غسل الأموال، أو ربما عمليات على علاقة بالإرهاب الدولي، وخيانة الوطن كما حدث في إحدى الدول الخليجية.
أخطار محدقة بالسياح يمكن تجاوزها بالاستقامة، والالتزام بمعايير الأمن، والإلمام بالأنظمة والقوانين والتقيد بها، والبعد عن الأماكن الخطرة والمشبوهة؛ ومن لا يستطيع تطبيق ما سبق ننصحه بالبقاء في ربوع الوطن فهو أحن، وأصبر، وأستر عليه من دول العالم!.
(*) F.ALBUAINAIN@HOTMAIL.COM