Al Jazirah NewsPaper Tuesday  22/06/2010 G Issue 13781
الثلاثاء 10 رجب 1431   العدد  13781
 
المنشود
لماذا تسترجل الفتاة..؟!
رقية سليمان الهويريني

 

ليس أحسن ولا أفضل من الرضا والقناعة بما وهبه الله للإنسان سواء بالرزق أو الشكل أو حتى الصحة والعافية، لأن الرضا يهب المرء الراحة والسعادة، ويجنبه مشاعر الغيرة، فيتطهر قلبه من الغل والحسد.

وفي مجتمعنا تبرز على السطح ظواهر غريبة إحداها التشبه بين الجنسين، حيث يجنح الشباب من الذكور بارتداء ملابس شبيهة بملبس الفتيات مع إطالة الشعر والاهتمام بالبشرة والمبالغة باستخدام الكريمات وأدوات التجميل لدرجة الميوعة والأنوثة!.. وفي المقابل ابتعاد الفتيات عن سمات الأنوثة وميلهن للسلوك الاسترجالي الخشن وارتداء ملابس شبيهة بملابس الرجال، عدا عن محاكاة الشباب وتقليدهم!.

والواقع أن الشباب من الجنسين قد لا يدركون خطورة هذه التصرفات على مستقبلهم الأسري والاجتماعي، وقد تكون خارجة عن إرادتهم وتعود بالأصل للتنشئة الأسرية التي غالباً لها دور في تعميق هذه لتصرفات، وقد تأتي لأسباب نفسية بحتة مثل شعور الفتاة بضعف والدتها أمام جبروت والدها وقلة حيلتها لكونها أنثى! مما يدعو الفتاة لأن تأنف من الانتساب لهذا الجنس الضعيف فتميل إلى التصرفات الذكورية التي تشعرها بقوتها وإظهار إمكانياتها الجسدية للدفاع عن نفسها. فضلاً عن عمد بعض الأسر لتفضيل الذكور على الإناث، وما يرافقها من تدليل لهم وتلبية لطلباتهم وثقة مطلقة بهم وعدم محاسبتهم بدقة؛ مما يجعل الفتاة تتقمص دور الفتى الذي يأمر وينهى فيطاع، وتخضع له الرقاب، حيث لا تدرك لقلة تجاربها خصوصيتها الفسيولوجية وجهلها بمخاطر منح الثقة المطلقة لها في سن صغيرة!.

ومعرفة الدوافع هو سبيل للحلول، والاعتراف بالمشكلة طريق إلى حلها، لذا يفترض عدم مجابهة هذا السلوك، والتغافل عن بعض التصرفات حتى لو كانت مزعجة، مع الاعتراف بوجوده ضمنيا والتصدي له مبكراً بالأساليب التربوية والاعتماد على المكاشفة والشفافية المغلفة بالحب، المحاطة بالاحتواء، وملء الفراغ النفسي والعاطفي للفتاة على وجه الخصوص لأنها الجانب الأضعف الذي يبحث عن القوة والاستقلالية بأسلوب يراه البعض انحرافاً، وهو في الواقع دفاع يحتمي بقناع الذكورية لأنها للأسف هي السبيل الأوحد لانتزاع الحق أو الحفاظ على الكرامة.

ونظرة التشكيك الأخلاقي للفتاة المسترجلة لا تعدو عن كونها عدم فهم لحقيقة المشكلة، وهذا الأمر لا يسري على بعض التصرفات الناتجة عن انحراف سلوكي كامن بعيد عن المظهرية، حيث يكون ذلك الانحراف نفسياً يحتاج لتدخل علاجي بالجلسات النفسية والأدوية المصاحبة، إضافة إلى غرس المفاهيم الإسلامية التي تدعو إلى الحشمة والتستر وغض البصر وعدم الدخول في مواطن التهم.

ويظهر السلوك الاسترجالي جلياً لدى بعض الأسر المنغلقة التي تشدد على بناتها، وتشكك في تصرفاتهن وتضيق عليهن الخناق، وتستخدم القمع بدلاً من الحوار. إضافة إلى النظرة الدونية للفتاة واستغفالها والاستهانة بإمكانياتها، حينئذ تشعر بالمهانة والانكسار. بينما يختفي هذا الشعور تماماً وينتفي ذلك السلوك بتاتا في مناطق البادية التي يتكافأ فيها الرجل مع المرأة التي تقوم بجميع ما يقوم به الرجل من بناء البيت واستقبال الضيوف وإكرامهم، والتعامل معهم بثقة وحزم وأنفة ونخوة دون خضوع أو تطميع لهم فيها، فتجدها ترحب بهم باسم والدها أو زوجها وتنتخي بأخيها الذي يبارك تصرفاتها ويصفق لها إعجاباً ويقدّر شهامتها وتدبيرها الحكيم، ويفخر بها كونها أخت الرجال، ويردد دوماً بزهو بأنه: (أخو فلانة).

وليس أجمل من الاعتزاز بالأنوثة التي وهبها الله للمرأة، وليس أروع من الرقة والنعومة التي اختص الله بها الفتاة فأحل لها التزين بلبس الذهب والفضة وحرّمها على الرجل؛ لتبقى المرأة متميزة بهما عنه ومفضلة عليه، مع ما تمنحه تلك المعادن الثمينة للابستها من مشاعر مختلفة من الزهو والشعور بالرقة والأنوثة.

www.rogaia.net




rogaia143@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد