نتج عن الاجتماع (19) لقادة العمل التربوي لوزارة التربية والتعليم الذي انعقد مؤخراً في (الخبر) استعراض الإستراتيجية القادمة للوزارة والعمل على إيجاد شراكة مع القطاع الخاص لتفعيل برنامج تطوير الذي خصصت ربع ميزانيته للنشاطات اللاصفية.. وأتوجه هنا لسمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبد الله بالقول إن إنجاز الإستراتيجية والاتجاه للشراكة مع القطاع الخاص من المهام الأساسية لعمل الوزارة لكن هناك يا سمو الأمير حجر زاوية أهمله أو غفل عنه النباؤون وهو نظام التعليم العام بالمملكة العربية السعودية، فوزارة بحجم التربية والتعليم منسوبوها قاربوا (نصف مليون) معلم ومعلمة وطلابها حوالي (5) ملايين وتعد أقدم الوزارات لكنها تدير أعمالها التعليمية والتربوية والإدارية بالتعاميم والتوجيهات والتعليمات المكتوبة والشفوية والأدلة الإجرائية، بلا نظام مستقل يغطي جميع موضوعاتها إلا من بعض اللوائح المحدودة.
كيف تبني الوزارة إستراتيجية وهي لا تملك بالأساس نظام يكون مرجعية لها، وكيف ستتعامل الوزارة مع القطاع الخاص والشركات المحلية والأجنبية والعالمية وهي لا تملك نظام ترجع إليه ويكون ضابطا لها.
فالشركات المحلية والعالمية بحاجة إلى أنظمة تلتزم بها جميع الأطراف وتتمتع بالمرونة ومتماشية مع التغيرات الحضارية حتى تتمكن من إنجاز مشروعاتها وتتمكن الوزارة من التعاقد وفق أنظمتها ولوائحها.
فكل ما تمتلكه الوزارة من أنظمة في التعليم هي وثيقة سياسة التعليم بالمملكة العربية السعودية وهي أشبه بالتوجهات صدرت في عهد الملك فيصل يرحمه الله عام 1389هـ أي أن صياغتها تمت في منتصف الثمانينات الهجرية والستينات الميلادية وصدرت رسمياً في 1389هـ لتكون المظلة لجميع أنظمة التعليم بالمملكة العربية السعودية لكل فروعه وأنواعه: التعليم العالي، والتعليم العام والتعليم الفني والتقني. وفروعه: الحكومي والأهلي والخاص.
أي أن عمر الوثيقة أكثر من (40) سنة وخلال تلك السنوات تغيرت بلادنا حضارياً وثقافياً وتعليمياً واقتصادياً وتشكل المجتمع خلال تلك السنوات (40) سنة في الفكر والفلسفة والتوجهات كما أن التعليم تغيرت قواعده ومهنيته وأدواته وحتى الصورة والصياغة التي تمت في تلك المرحلة المبكرة من حياتنا الحضارية والسياسة الاجتماعية تغيرت فكان من الضروري أن تصاغ أفكار الوثيقة من جديد وتراجع ويتم إيجاد نظام منفصل للتعليم العام مثلما يكون نظاماً مستقلاً للجامعات التي بالفعل أوجدت لها لوائح لتنظيم عملها الأكاديمي (نظام الجامعات) ولم تقف على حدود وثيقة سياسة التعليم وكذلك الحال بالنسبة للتعليم التقني والفني فقد أوجدت لوائح تجاوزت الوثيقة وزمنها، أما التعليم العام أبقى على الوثيقة كما هي دون أن يراجعها ويعيد صياغتها وفقاً للتطورات الجديدة.. وخلال الفترة الطويلة عاش التعليم العام على التعاميم والتوجيهات والتعليمات والأعراف والتقاليد الإدارية والتربوية ولم يصدر إلا لائحات معدودات ولا تغطي كل مطالب التعليم ومنها: لائحة تقويم الطالب وكادر المعلمين.