الحريات هي سلسلة متصلة لا ينفع فيها الانتقاء والانتفاء, لذا فحرية الملبس للأفراد هي حق واختيار لهم طالما أنها لا تخدش ولا تخرج عن السلم القيمي للمجتمع الذي تظهر فيه.
أتفهم منع النقاب في فرنسا إذا كان هذا المنع مطبقاً حتى على الرجال الملثمين الذين يسيرون في الشارع الفرنسي أو يخفون وجوههم في الشتاء أو السيدات اللاتي يضعن نظارة كبيرة ويلففن نصف وجوههن بشالات أو إيشاربات أو أي أسلوب آخر؛ بمعنى أن قرار المنع مطبَّق على الجميع لأن المقصود منه منع إخفاء الهوية وليس المقصود فيه التمييز ضد اختيار المسلمات.
لكن الذي لا أتفهمه مطلقاً هو منع حجاب الفتيات المسلمات في مدارس كوسوفو، فالدولة غالبيتها إسلامية ثم إن حق اختيار الأفراد مكفول في نصوص الأديان كلها كما هو منصوص في قوانين ومواثيق حقوق الإنسان، وإذا كانت فرنسا لا تمنع الحجاب فكيف تمنعه حكومة كوسوفو.
الحجر على حريات الناس واختياراتهم مرفوض لأنه الفتيل المتحفز لإحراق الشعوب في نار الحروب الداخلية، كما أنه المبرر الجاهز لتدخل الدول الكبرى بحجة إنقاذ الحريات وحفظ الحقوق.
الاختلاف الديني حق بشري وواقع لا بد أن تتعايش معه الدول وتقبله لا أن تقمعه بالمساواة المظهرية التي تخلق تبايناً وتنافراً في الفكر ومن ثم تكون محرضاً على العنف والتصفيات الجسدية.
لا بد أن تقبل مظاهر الإسلام كما تقبل مظاهر المسيحية أو اليهودية أو البوذية أو الهندوسية في الدول التي قبلت وتشكلت من هذه التعددية البشرية، كما أن دساتيرها تقوم على العلمانية التي تفصل السياسة عن الدين.
فكيف يتم نقض كل ذلك من دولة غالبيتها مسلمة؟! إنه تعدٍ فاضح على الحريات، حري بالمعتدلين في كل أنحاء العالم رفضه لأنه تمييز عنصري يتدخل في اختيار المرأة بارتداء ما يناسبها, كما أنه تسلط سافر على الإسلام والمسلمين.
