اتجهت الجامعات الوطنية في السنتين الأخيرتين لاستحداث كراسي علمية بأسماء شخصيات لها باعها في القيادة والتطوع والعمل على إثراء المجتمع بما يحقق له قفزات علمية عن طريق البحث والدراسة والاستضافة ونقل الخبرات وتبادلها بين المراكز العلمية والجامعات العالمية، والهيئات المختصة أو المهتمة بموضوع الكرسي في مجاله، وقد عزز هذا التوجه في مجتمعنا كبار المسؤولين بدءاً بالمليك حفظه الله ومن ثم بأمراء يضطلعون بقيادة مؤسسات الوطن كسمو ولي العهد وسمو النائب الثاني وسمو أمير منطقة الرياض وغيرهم ممن لهم الريادة والقيادة في الشأن الوطني عقيدته وأمنه وتاريخه ومنهاجه القائم على دعامات لعل آخرها كرسي سمو النائب الثاني ووزير الداخلية حيث أنشأت الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة كرسي سموه للحسبة، ولأن موضوع هذا الكرسي من الموضوعات الأولى في شأن التعامل بين أفراد المجتمع وهو يقوم على اتباع شريعة الخالق سبحانه وتعالى في أرضه، ولأن حق المؤمن على المؤمن المناصحة والنهي، وواجب المؤمن نحو ذلك التقبل والامتثال، لما في الأمر بين الناس بالمعروف والنهي عن المنكر من ضابط لسلامة الحياة وأمن الإنسان على نفسه وغيره، ثم لأن هناك من يسعى لتقليص هذا الدور بدعاوٍ كثيرة، وهذا الجزء أحد أهم الأجزاء في منظومة النظام التعاملي اليومي بين الناس، وهو أمر سماوي لا خلاف فيه ولا اختلاف عليه، ولأن هناك أيضا من لم يحسن أداءه وتجاوز في تنفيذه، فقد بات أمر العناية بتأهيل الأفراد فيه تأهيلا يتوافق ومنظومة أخلاق الأداء في التعامل وسلوك المناصحة وتبادل الصورة فيما يستوجب الإنكار, وما يحقق ما يقره الشرع، فقد جاء هذا الكرسي وما يستشرف له من بذل في برامجه ومناهجه وإجراءاته ونتائجه مناسباً في الزمان، يليق بجامعة يقوم على إدارتها رجل حصيف نشط متطلع للمنجز المفيد، محققاً للدور الأمني المهم الذي يضطلع به الأمير نايف بكل خبراته وحصافته وأدواره، لذا لا غرابة أن يكون هو داعمه وهو من توج هذا الكرسي باسمه، أمير الأمن وقائد السلام ورجل المواقف العصيبة, وقد جاء في كلمته الأولى لمن تولى مسؤولية هذا الكرسي الهدف منه كأول درس في تأطير مبادئ التعامل وأخلاقيات الأداء كما أوردت الجزيرة في عدد يوم الجمعة القريبة الماضية دعوة سموه (رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى العمل بالطريقة المناسبة، ..وأن يفيد كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الهيئة ويحسن من أعمالها.) لذا (دعا سموه إلى أهمية اختيار العاملين فيها من ذوي السمعة الطيبة وأن يكونوا عقلاء متأنين ويتسمون بسعة الأفق والتحمل قادرين على العمل في كل الظروف ومتحلين بالهدوء والرفق واللين.) ويتبلور ذلك في أمنيته حفظه الله في: (أن يكون في بلد الأمن والأمان هيئة ذات سمعة طيبة في التعامل الأمثل مع شرائح المجتمع والحوار المثمر مع وسائل الإعلام المختلفة).
فالحسبة شريعة من شرائع الدين، وهي حق للناصِح والمناصَح، وواجب عليهما، لها مبادئها وأخلاقياتها، وضوابطها وحدودها، ..المجتمع بحاجة لاستتبابها، في أسلوب ووعي يتناسب مع الواقع، ويعين على تجاوز مآزقه، بروح طيبة، وسماحة إيمان،..
وفق الله الجميع لتوظيف أهداف هذا الكرسي في نشر شريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يحب لها الله تعالى أن تكون علاقة طيبة بين الناس. وأسبغ جزاءه موفورا لمن دعم ووجه، ولمن عمل فأخلص.