لقد قام الإشراف التربوي بمهمة جليلة ومساهمة فاعلة في تحقيق أهداف وزارة التربية والتعليم منذ قيام الوزارة، ومر الإشراف بمراحل تطوير في توقيعه وواقعه، فكان بالأمس مفتشاً ثم موجهاً ثم مشرفاً وتوسعت دائرة اهتمامه وكثرة أهدافه فكاد أن يكون الوزارة كلها، مما اضطر الوزارة إلى إنشاء أقسام كثيرة تحملت الكثير من الأعباء المسندة للإشراف وتوسعت في ذلك حتى أصبح غالب مهام الإشراف إن لم يكن كلها لها أقسام تهتم بها ومتخصصة بها حتى دعا من لحظ هذا الأمر أن يقول: إنه يمكن الاستغناء عن الإشراف، وطالب من طالب وتمنى من تمنى أن يأتي يوم لا يذكر فيه الإشراف، وهذا في الحقيقة يدعونا إلى إمعان النظر في واقع الإشراف وما هي الخطوة القادمة له حتى يستمر في عطاءه ويكون له الأثر الكبير في تقدم مسيرة تعليمنا بأذن الله كما كان بالأمس القريب، وهذا ما دعاني لطرح هذه الفكرة التي أتمنى أن تفتح ولو نافذة صغيرة نطل بها على مستقبل يحتاج منا إلى بذل الجهد والتسارع في التطوير، الفكرة التي أقدمه مفادها: توجيه وتأهيل وتحويل المشرفين إلى أن يكون خبراء متخصصين في مجالات معينة تكون في أولويات أعمالهم واهتماماتهم، فنفتح بذلك لهم باب الإبداع والتطوير، ونبعد عنهم التشتت وتكرار الأعمال ونشرع في البناء والتقدم لا في الانغماس في حل المشاكل ورصد الأخطاء.
ويمكن تلخيص هذه الفكرة في المراحل الآتي:
1- أن نحدد المجالات التي نحتاج إلى خبراء فيها مثل (طرق التدريس - تنمية مهارة التفكير- الاختبارات - إدارة الصف - التربية الأخلاقية - التقويم المستمر.... الخ).
2- أن نطرح الخيار للمشرف في اختيار أحد المجالات مع إمكانية انتقاله إلى مجال آخر في السنوات المقبلة حسب الاحتياج وحسب القدرات.
3- أن يتأهل المشرف ليكون خبيراً في مجال تخصصه ويتاح له فرصاً لذلك كالدورات التدريبية واللقاءات الإثرائية.
4- أن يقدم المشرف برامج تدريبية ونشرات إثرائية وتجارب ميدانية حول تخصصه وتصبح المرجعية له في المجال الذي تخصص فيه على مستوى الإدارة والوزارة.
5- أن نستبدل أسم المشرف التربوي إلى الخبير التربوي حتى نعزز ونبث الفكرة في المجتمع التعليمي والتربوي.
6- أن يبقى المشرف خبيراً في مادة تخصصه ويقتصر زياراته الميدانية على معلمي التخصص عند طلب مدير المدرسة له فقط.
7- أن نعزز دور مدير المدرسة كمشرف مقيم في المدرسة ويتولى مهام المشرف سابقاً إلا عند الحاجة التخصصية في المادة فيتم مشاركة خبير المادة وهذا أندر من النادر كما يعرفه مشرفي الإشراف المتنوع.
وفي نظري أن هذه الفكرة تساعدنا في القضاء على سلبيات يعاني منها واقع الإشراف التربوي من أهمها:
1- تداخل عمل الإشراف مع الأقسام الأخرى (النشاط- الاختبارات- التقنيات - التدريب-........ الخ).
2- تشتت فكر واهتمام المشرف فهو في واقعه مطالب بالإلمام بكافة الجوانب التربوية والمجالات التخصصية ومن المعلوم أن العلم قد توسع في هذه الجوانب حتى أصبح كل جانب علم لوحده يحتاج إلى بحث ورصد وإطلاع ومتابعة مستجداته وهذا ما يصعب مطالبة المشرف به خاصة إذا أرادنا أن يكون مؤثرا على المعلمين ومدربا لهم.
3- تقوية الأقسام الأخرى وتحملهم لمسؤولياتهم فالإشراف يقوم بمهام كثيرة من مهام الأقسام الأخرى وأصبحت الأقسام تتكل على الإشراف بحجة أنه الأقدار على الأداء وهو المسئول عن كل شيء.
4- قلة العلم العميق والبحث الدقيق والنتائج الموثقة والدراسات الميدانية المتكاملة كل ذلك في نظري من أهم أسبابه غياب التخصص المقدور عليه والمهام المحددة للمشرف.
5- ضعف البناء والعمل المؤسسي فتجد في الكثير من الورش واللقاءات والدورات التدريبية التي تعقد كل سنة عبارة عن تكرار للسنة التي قبلها فلا جديد في المادة المطروحة ولا جديد في مستوى المتدربين.
أخيراً أتمنى أن أكون قد ساهمة ولو بلفة الأنظار وفتح النقاش في موضوع يحمل الحساسية الكبيرة والتأثير العميق في أمر يمس مستقبل أمتنا وبلادنا وشبابنا، فأصلح الله شبابنا ووفقنا إلى هداه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
المشرف التربوي بإدارة التربية والتعليم بمحافظة المجمعة