Al Jazirah NewsPaper Saturday  19/06/2010 G Issue 13778
السبت 07 رجب 1431   العدد  13778
 
اللاعب الغائب
إبراهيم بن عبدالرحمن التركي

 

كان الحديث عن «كأس العالم» وحفلِ افتتاحٍ باذخ أشعله وجود «شاكيرا» الكولومبية، لبنانيةِ

الأصل التي تستنسخُ -في بعض زواياها- «هريرةَ الأعشى» عربيةَ الأصل والفصل، والفارق أن هذه تمر كالسحابة لاريثٌ ولا عجل، أما تلك فتتحرك بسرعة الصاروخ؛ أو «my hips don›t lie» كما غنت يوماً.

- لم تستطع أغنية ال»واكا واكا» أن تحجب دموع «مانديلا « لفقد ابنة حفيدته؛ فغاب مَنْ حقه الحضور؛ مَنْ أمضى شطرًا من عمره «بين الرابعة والأربعين والواحدة والسبعين» خلف الأسوار ليسترد قبل عشرين عامًا (1990م) حريته، ولنستعيد قبل أسبوع -والناس في طرب، وهو ومحبوه في حزن- «رحلتَه الطويلة من أجل الحرية».

- قد تتفق لبعضنا لحظةٌ تفر من الزمن، وتنأى عن الزحام؛ فيقدر لنا أن نصافح كفًّا توحلت بآلام الإنسان وعينين بكتا من أجله، وحين زارنا في معهد الإدارة، وكان رئيساً لجنوب إفريقيا، حظي صاحبكم بالمشاركة في استقباله ومرافقته، وسعد بساعة أو بعضها، وهو الذي لم يعهد في نفسه إلفة عالم المخمليين، ورأى صورةً وضيئة لهذا الهرم النضالي؛ الذي جمع بشاشة الوجه وجلال السيرة فحظي بتقدير شعبي عالمي غير مسبوق، وقد اضطر منظمو زيارته للمعهد أن يتحاشوا مروره على قاعات التدريب؛ فقد صادف واحدةً منها وأصرّ على دخول القاعة ومصافحة الجميع غيرَ عابئٍ باشتراطات المراسم واحتراسات الأمن.

- لا مكان هنا للمقارنة بين الذرى والأعتاب؛ فالمتورمون هم القاعدة، والتواضع سلعة نادرة، ومن لا «يسعون الناس بأخلاقهم» أكثر من أن يُحصوا؛ فلعل باحثي الاجتماع والتربية يدرسون علة سلوك التعالي وكيفية إخراج النشء من ترديه.

- لم يكن «نلسون مانديلا 1918م» في الملعب مع أنه اللاعب الأكبر الذي رفع الكأس الأغلى، وحطم الأغلال الحقيقية، لا تلك التي افترضها القصيمي -عفا الله عنه- وعاد إلى قومه؛ فساكنهم في البيت القديم ذي الحجرات الأربع: ل(يعيش كما يعيشون)، وهذه عبارته مثلما وردت في النسخة العربية من كتابه الشهير (1998م).

- مانديلا وكأس العالم مثالان على الثابت والمتحول؛ فبينما قلل المتفرجون من مستوى حجم الاحتفال المونديالي مقارنة بسلفه الصيني كانوا يُكْبرون تجربة الزعيم العظيم، ويتواصون بقراءة تاريخه، ويتفاعلون مع مصابه، وليس أقسى من دموع شيخ تجاوز التسعين مثَل لأحرار العالم درسًا في المبدئية والكرامة والصلابة، وكان السؤال: ماذا لو كان «مانديلا» عربيًّا..؟!.

- ربما تأثر بانهزاميتنا فانضم إلى قطيع الاستسلام، أو تأثرنا بوطنيته فقادنا العثار إلى الإصرار والانتصار، وقد خسر سبعةً وعشرين عامًا من سني حياته المحدودة ليعيش بنو أبيه حرية ممدودة، وهذا قدر الكبار.

- حقق «مانديلا» لناسه الحرية «الموجبة» كي يمارسوا حرياتهم «السالبة»- وفق مفهوم كانت-، ولم يعنه أن يكون الوحيدَ بينهم الذي لم يتمتع بعدُ بحريته؛ فكذا يصنع الطليعيون.

- سيخلد مانديلا الذي لم يُبرئْه «بوش» من تهمة الإرهاب إلا قبل عامين فقط (2008م)، واندثر سفاح بغداد وكابل إلا من تحسب المظلومين وغضب التاريخ، وشتان بين شموخ البطولة وقزمية الجبروت.

- الكأس لصانعها.



Ibrturkia@gmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد