بعض من محرري الأخبار والمتابعات الصحفية يبتعدون عند الصياغة من كلمة امرأة أو نساء، ويستبدلونها بكلمة (سيدة أو سيدات)، وهذا تلطف منهم مع المرأة في إطار التقدير العام للمرأة ودورها في الحراك الاجتماعي، غير أن هذه اللباقة في تهذيب اللفظة مع صحتها وأصالتها في لغة العرب قد شملت مَن لا تستحق هذه الكلمة؛ ففي الأخبار نقرأ على سبيل المثال: (شرطة الرياض تطيح بسيدة عربية وإمام مسجد يديران مصنعاً لتزييف عملة الدولار)، و(الإطاحة ب125 مهرباً ومروجاً للمخدرات بينهم سيدتان)، ويتحدث كاتب في مقال عن المتعاونات مع القاعدة ويضفي عليهن لقب سيدات.. وما الضير لو قلنا امرأة أو نساء في ما يتعلق بالمنحرفات عن جادة الصواب من مروجات للممنوعات والمحرمات أو من ترتكب جرم وحماقة الإخلال بأمن الوطن وتساعد عليه، كل منهن امرأة من نساء، لكن كونها سيدة فهذا فيه نظر؛ إذ إن السيدة من النساء العفيفة الطاهرة الصالحة المُصلحة التي تساهم في بناء مجتمع متماسك آمن، تدافع عن أسرتها من كل ما يحيط بها من مخاطر وشبهات وآثام، وتشارك إخوانها الرجال في صنع مستقبل الأجيال وتمهد لهم سبل الخير والمجد، وكانت العرب تسمي من تسعى على تنشئة ابن أو ابنين تنشئة بطولية فروسية أو علمية فكرية أو اجتماعية إصلاحية: (الماجدة)، وقرأت في السير أن بعض قبائل العرب لا تسمي بالماجدة إلا من تنشئ ثلاثة من أبنائها على سلوك وآداب الأفذاذ، وتطبعهم بطباع القادة النبلاء، والكرام من ذوي الشهامة والمروءة والبذل والعطاء، ليس بالمال فقط بل من الجاه والرأي والتعاطي مع المحدثات بالحكمة والمنطق.. نعم: فالماجدات من سيدات العرب هُن من يدركن معنى أن تنجب وتربي وتعلم وتدرب ابنها ليكون عضواً فاعلاً في مجتمعه، لا أن تعلمه السرقة والتزوير والترويج أو التفنن في إعداد وتهريب الأحزمة الناسفة التفجيرية، أين هذه من تلك؟ كيف يمكن لمحرر صحفي أو كاتب أن يصف أياً من المرأتين بالسيدة؟ لا يقبل القلم ولا الذوق السليم أن تسمى مروجة الدولارات المزيفة أو بائعة الكبتاجون والعرق، أو محترفة أكاذيب جمع الأموال وتهريبها واستقبال الأحزمة النارية الفتاكة بالسيدة، لغة العرب ثرية وخصبة جعلت لكل شيء اسماً ووصفاً، وإن تشابهت الرموز في الظاهر، ولو استعرضنا تاريخنا العربي الإسلامي لوجدنا نساء سجلن أمجاداً من البطولة وشرف التضحية في سبيل الأوطان والمجتمع والدين، وأكدن الثبات على المبادئ الشريفة النزيهة، (سيدات) عربيات سطعت أسماؤهن في سجلات المجد والعز والفخار، ولا تزال تقدم في كل مدينة ومنطقة - ولله الحمد - أسماء نسائية تبذل الغالي والنفيس سراً وعلناً في سبيل رفعة الوطن والمواطن، فهل نقارنهن بأولئك النسوة ممن يقترفن الأخطاء والجنح وربما الإجرام في حق الوطن والمجتمع؟! في نظري لا يمكن.