المدرّسات في مراحل الدراسة المختلفة، سواء الابتدائيةأو المتوسطةأو الثانوية،هنَّ ضحية الاضطهاد وضحية مقابلة ما يسمونه «عجز في المدرسات»، بمعنى أن المدرّسة ملزمة بعدد من الحصص اليومية أو الأسبوعية، وهو ما يسمونه «نصاب»، هذا النصاب يزيد وينقص حسب اختصاص المعلمة؛ فمدرّسة الفيزياء مثلا هي الوحيدة في المدرسة إن لم يكن معها واحدة أخرى أو اثنتان، أما مدرسات العربية والاجتماع وغيرهما فهناك وفرة في العرض مع قلة الطلب. المهم أن المدرّسة لا تستطيع أن تعرف ما هي عليه في مدرستها من حيث النصاب المقرر عليها، أي أنها تتحول بقدرة «التنظيم» وعكازة «العجز» إلى مدرّسة لفصول عدة، حتى أن المسكينة لا تستطيع أن «تحك رأسها»، والسبب حالات الولادة لزميلاتها؛ فإذا أخذت إحداهن إجازة «وضع» أُزيحت المواد التي تدرّسها إلى زميلاتها أو إلى زميلتها الوحيدة في المدرسة؛ لأن مسألة «تأمين» بديلة لها سيأخذ وقتا طويلا عبر روتين المعاملات، وهذا الروتين تتدخل فيه الأهواء الشخصية حسب قوة السند وضعفه، أي أنه لو طُلب من مدرّسة أن تذهب إلى المدرسة الفلانية ستبحث عن منقذ لها ينقذها من التغيير لتلك المدرسة ولو كان مؤقتا، وتستمر المدرّسة «المغلوبة» في أداء حصص زميلتها أو زميلاتها حتى يعدن، وقبل عودتهن بأسبوع أو يوم أو غيره تأتي الموافقة على إيجاد بديل!!! أي بعد أن تعبت تلك المدرّسة الضحية وضاعت أوقاتها التي كانت رتّبتها لبيتها وأسرتها؛ فيضيع وقتها في التحضير لمادة الأستاذة فلانة ومادة الأستاذة فلانة، وهي مع كل صفحة تكتبها تقول في داخلها: يا رب تجيبها تفكنا من الورطة!!!
لو تساءلنا نظاما وعقلا وواقعا وقلنا: هل المدرّسة مسؤولة عن تغطية غياب زميلتها أو زميلاتها أم أن الأمر لا يخصّها؟
طبعا الجواب أن الأمر لا يخصها، وليست مسؤولة. لكن يترتب على هذا الجواب سؤال آخر، هو: لو امتنعت المدرّسة عن أداء غير نصابها فهل تُجازى أم لا؟ طبعا الجواب هو حسب النظام سيكون لا. لكن الحق للمدرّسة يتحوّل إلى حق وواجب عليها توجبه الظروف غير المرتّب لها ولا تنظيم لها ينظمها، أو قد يجعل تمنّعها حسب حقها مدخلا للمضايقة عليها ووصفها بأنها «سلبية»، وهذا ما تخافه المدرّسة الضحية عند تقديم ما يسمى «التقييم»، الذي يوجد فيه فقرة تعني تعاونها مع زميلات العمل أو محيط العمل أو هكذا.. وتلك الفقرة ملك للمديرة أو المشرفة أو مَن يمتلك تعبئة أنموذج التقييم؛ وهنا تقع مسألة الحرج والإحراج والظلم للمدرّسة التي تعرف أن من حقها أن تؤدي نصابها ولا تزيد عليه.
مسألة غياب المدرّسات لحالات الوضع بالذات «حالات تطول مدتها» توقع غيرها في حرج وتوقع خلافا بين المدرّسات ومديرات المدارس والموجهات من جهة؛ والسبب أنه لا يوجد تنظيم صريح وواضح يحل المشكلة بشكل عاجل بدلا من عبارة «يوم أو يومين وتجي البديلة».
لعل وزارة التربية والتعليم أن تنتبه لهذا الشأن، وأن تخفف من الروتين الورقي الذي يوقع الحرج والحساسية بين المدرّسات والمديرات اللائي يظهرن بشكل ديكتاتوري بشع عند استعمال المدرّسة حقا مشروعا لها؛ فتعتبره المديرة إهانة لشخصها دون أن تعرف أن الحق أحق أن يُتَّبع.
Abo_hamra@hotmail.com