ودَّع أمس عشرات الآلاف من المواطنين مكاتبهم ومقار وظائفهم التي قضى البعض منهم أكثر من نصف عمره يخدم وطنه، ولأن لكل وقت نهاية، فقد جاء الوقت الذي يترك وظيفته لغيره ليكمل المسيرة ولتستمر الحياة.
في الأول من رجب يحل موعد تقاعد الآلاف من المواطنين، فمن أجل التنظيم الإداري ولأن السعوديين لم يكونوا قد ثبتوا أيام مواليدهم وبخاصة الذين ولدوا في منتصف القرن الماضي، فقد اختير يومان لتحديد ميلاد المواطن السعودي الأول من محرم، والأول من رجب، وخصص الأول من رجب لأنه في منتصف العام لأن يكون موعداً للتقاعد لمن أنهى السنوات الستين من عمره. طبعاً سيتم إحلال مجموعة من المواطنين وتعويض هؤلاء الذين قدموا عصارة شبابهم لخدمة الوطن. وبما أن سنّة الحياة التجديد والتغيير فإن ما يتم هو دورة الحياة الحتمية التي يجب أن نتعامل معها بواقعية، إذ لا يفترض أن يعتبر المتقاعد أن حياته المهنية قد انتهت، فكثير من المتقاعدين تبدأ حياتهم الإيجابية في هذه المرحلة بعد أن يهتدوا إلى العمل الذي يستطيعون أن ينتجوا عبره أكثر، ويبرزوا إمكانياتهم وحتى إظهار مواهبهم رغم ما يعتقد أنه تقدم بالعمر، ولهذا فإن كثيراً من صور الإبداع تظهر عند الكثير من المتقاعدين الذين يبرزون في تقديم أعمال تطوعية حققت فوائد للمجتمع أفضل بكثير عندما كانوا في كرسي الوظيفة. حصيلة وافرة من الخبرة يختزنها هؤلاء المتقاعدون من الرجال والنساء ما أحوج الوطن إلى خبراتهم التي ستنفع المواطنين كثيراً خصوصاً إذا ما وظفت في الأعمال التطوعية التي يتقدم الإنسان إليها دون طمع في مكافأة أو علو في المنصب، سواء إرضاء للمولى أو لإراحة ضميره، ولإشعاره بأنه لا يزال قادراً على العطاء.
***