عزيزي القارئ، وأنت تتفضَّل عليَّ بقراءة هذه الزاوية أرجو أن تنظر فيما حولها من ألوان وإعلانات ودعايات وما مقدار الاهتمام بإبراز هذه الأشياء مقارنة بالاهتمام الذي تحصل عليه زاويتك التي تقرأها.
أكافح كل يوم لأعثر في صفحة الجزيرة الأخيرة على ما يقدمه كتاب الزوايا هناك وأنا واحد منهم؛ الأمر صعب؛ لأن تلك الصفحة تقدم كل يوم كرنفالاً ملوناً وقشيباً من الدعايات والإعلانات والأرقام عن مكاتب الاستقدام ومتاجر تحطيم الأسعار ودكاكين العقار، وفوق ذلك كله تمتد من أقصى الصفحة إلى أقصاها برنيطة دعائية حمراء عن الفلبين أو سريلانكا أو إندونيسيا، ويتربع فوقها كرتون زميلنا المبدع رسام الكاريكاتير. بكلمات أوضح، الصفحة الأخيرة في الجزيرة تبدو كدكان يتكدس فيه كل شيء وتفوح منه رائحة الدنانير وغبار الدراهم وكل ما عليك فقط أن تبحث جيداً. أبحث عن زاوية الزميل الرشيق محمد آل الشيخ فأتتبع الألوان والتصاوير حتى أعثر على ابتساماته المشرقة، وحين ذاك آخذ راحتي مع كوب الشاي الصباحي وأنا سعيد لأنني استطعت العثور في دهاليز الصفحة الأخيرة على ما أبحث عنه. في يوم آخر أكافح مرة أخرى حتى أعثر على وجه الرجل الحديدي المدرع بالوثائق والمعلومات زميلي الحبيب حمزة السالم لكي أبدأ مشواري المعتاد في الاستمتاع (بلكماته) السديدة وكوب الشاي. زاويتي الشخصية لا أقرأها عادة في الصباح، إنني أتركها لما بعد العودة من العمل وتناول وجبة الغداء؛ لأنها عندئد تساعدني على نومة القيلولة، ثم إنني لا أريد أن أعكر مزاجي في الصباح الباكر بما قد يكون الأخ رئيس التحرير قد سربه إليها بكل شطارة من حذف أو تعديل، وأيضاً لأنني لا أقرأها حتى أتلقى بعض التعليقات على محتواها لذلك اليوم أثناء ساعات العمل؛ فإن سمعت ما يسر قرأتها وإلا تركتها تتعفن بين الدعايات والإعلانات وكرنفال الألوان في الصفحة الأخيرة.
مقتضى الحال للزوايا المذكورة وكتابها في صفحة الجزيرة الأخيرة يشبه حال ثلاثة أعشاش صغيرة مندسة أو مدسوسة في أدغال غابة استوائية مكتظة بالألوان والفروع والأوراق بحيث يتعذر العثور على الأعشاش فيها.
الآن وبعيداً عن المزاح.. أعتقد أن الزوايا في صفحة الجزيرة الأخيرة لها متابعوها المتميزون والمتحمسون؛ لأنهم يعتبرون كتابها من ذوي المزاج الحاد والقلم المخلص، ثم إن ما عبرت عنه حتى الآن من الشعور بالانزعاج من تواجد الزوايا الثلاث في مكان يكثر فيه الترقيع التجاري دون مراعاة للاحترافية الصحفية ووضع الرأي في المكان المناسب ليس من بنات أفكاري وإنما هو تعبير عن الانزعاج الذي نقله لي الكثيرون من قراء الزوايا الكرام.
أقول أصالة عن نفسي ونيابة عن محمد وحمزة عسى الله أن يوجد لزوايانا مكاناً أكثر قبولاً واحترافيةً، وأن ينقذنا من الزحمة التي نحن فيها حيث نتفيأ ظلال الفلبين وإندونيسيا وسريلانكا، ونتلحف بالكراتين ومن فوقها البيانات الشخصية لأعضاء التحرير ومجالس الإدارة.