انزعج كثيراً الزميل الأستاذ داود الشريان مقدم برنامج (واجه الصحافة) في قناة العربية عندما ذكر نائب وزير الاقتصاد والتخطيط الأستاذ أحمد الحكمي أن إحصاءات التعليم تذكر (1- 11) وأيده بذلك الأستاذ محمد الدهام وكيل وزارة المالية لشؤون الميزانية والتنظيم أن كل معلم يقابله (11) طالباً ... وقال الزميل الشريان لا أحد يصدق ذلك ففي مدينة الرياض عدد الطلاب في الفصل الواحد يصل (45) طالباً.
وأنا هنا أقول في بعض المحافظات والمراكز والهجر تصل النسبة (1- 8) وربما (1- 5) أي أن مقابل كل معلم واحد (5) طلاب أو لكل (10) طالبات معلمة واحدة, في حين دول مثل بريطانيا وفرنسا وأمريكا وأستراليا واليابان تصل النسبة (1-15) و(1-20) فمن حق الزميل الشريان أن ينزعج ولا يصدق لكنه الواقع؛ ففي المدن النسب تختلف عن المحافظات والمراكز والقرى حيث هبَّت وزارة التربية والتعليم في إحدى مراحلها التاريخية موجة من افتتاح المدارس من عدة منطلقات: محاربه الأمية ونشر التعليم ومواكبة التنمية الحضارية التي عاشتها المملكة فافتتحت مدارس للبنين والبنات في معظم القرى والأرياف والبادية دون ضابط محدد في ذلك الوقت ثم عملت وزارة التربية والتعليم ضوابط معيارها: السكان والمسافة وموافقة مجلس المنطقة وغير ذلك من الضوابط. ولكن بعد فوات الأوان وبعد أن زرع التعليم - وإن كان ذلك إيجابياً - زرع التعليم مدارس في كل كثيب رملي و واد وحرة وجبل وسبخات السواحل ليصل الهدر المالي في التعليم إلى رقم كبير جداً يكلف الدولة ملايين الريالات ويثقل ميزانية التعليم حيث بلغ (50%) من ميزانية الوزارة... الهدر المالي في التعليم إحدى أهم القضايا المسكوت عنها، ووزارة التربية والتعليم ترحلها قيادات الوزارة سنة بعد سنة وأموال طائلة بالملايين تصرف بلا مبرر، لو أن وزارة التربية أعادت بناء وتنظيم نفسها ومدارسها لأمكنها استثمار فائض التوفير السنوي في تطوير التعليم، فمعدل النسب لوزارة التربية تتراوح ما بين (1-11) - (1-13) في حين أن وزارة الاقتصاد والتخطيط (مصلحة الإحصاءات العامة) (1-17) وهذا الرقم لجميع الطلاب بما فيهم الطلاب في الداخل والخارج ممن لا تشرف عليهم الوزارة والرقم المفترض والنموذجي هو (1-20) أو (1- 22) كما جاء في خطط وزارة التربية العشرية وتطالب به وزارة المالية، فالمدارس النائبة وتسرب المعلمين والمعلمات إلى جهاز الوزارة وإدارات التعليم وإلى الأعمال التربوية المساندة, وأنظمة الوزارة في ضرورة أن يدرس المقرر المعلم المتخصص حتى في المدارس الصغيرة والنائية، وقضايا أخرى أدت إلى هدر مالي يصل إلى (50%) من ميزانية الوزارة... وهنا موقع سؤال لوزارة المالية ووزارة الاقتصاد والتخطيط والجهات الرقابية والمحاسبية: إذا كانت وزارة التربية والتعليم لا تتحفظ وتعترف بأن جزءاً كبيراً من أموال الميزانية يضيع هدراً نتيجة أخطاء في إحداث وفتح المدارس وأخطاء في الخطط التعليمية أدت إلى هذا الهدر المالي، فلماذا لا يوضع ملف الهدر المالي في الوزارة على طاولة النقاش والحوار والمعالجة لتصحيح وضع تعيشه الوزارة منذ سنوات ليكون مقدمة لمعالجة الهدر المالي في جهات وقطاعات حكومية من وزارات ومؤسسات تشابه في وضعها الإداري والمالي وزارة التربية والتعليم؟.