Al Jazirah NewsPaper Monday  14/06/2010 G Issue 13773
الأثنين 02 رجب 1431   العدد  13773
 
ربيع الكلمة
متى أصبحت العباءة مصدر خزي؟!
لبنى بنت عصام بن عبد الله الخميس

 

في مجتمع يعشق ويثمن (المظاهر) ينطلق قبل الإجازة الصيفية وينتشر في مجالس النساء وأحادثيهن الكثيرة موضوع مؤلم وحزين.. حديث تحرص نساء ورجال الطبقة المخملية وممن وسع الله لهم بالرزق والمال والرفاهية على طرحه، بلغة فيها من العنجهية والفوقية والسخرية الشيء الكثير.

حين يتحدثون بأسلوب يقطر سخرية عن هؤلاء الناس من أصحاب الدخل المحدود الذين يزاحموهم في السفر والمطار وبلاد الله الواسعة.. يتعجبون من قدرتهم على السفر لمثل تلك الأماكن ويتمنون لو أن كارثة تصيبهم ولا تمكنهم من التواجد معهم في ذات المدينة، حيث تضايقهن أشكالهم، ويثير اشمئزازهن كثرتهم حيث لا يحب هؤلاء أن يختلطوا بهؤلاء (القراوة) من هم دون مستواهن المادي والاجتماعي المخملي، فتوافقهن النساء الحاضرات على الحديث بشدة وتبدأ كل واحدة منهن بوصفهم بأسلوب مخز ومشين ولا يعبر إلا عن صاحبته ونفسيتها المريضة.

زمرة النساء تلك لم تكتف بالسخرية على قدرهم وصراعهم مع الفقر والعوز والمعاناة، ولم يكتفين بالرقص على جراحهم ونثر الملح عليها بلذة، بل أن الأدهى من ذلك والأمر هو سخريتهم من لبسهم وزيهم الكريم المنسوج بالعفة، المتمثل (بالعباءة) حيث ما برحوا يستهزئون بكل امرأة ملتزمة بزيها وحشمتها ترتدي العباءة والحجاب وأحيانا ً النقاب في الخارج، فهم يعتبرون ذلك أمرا ً متأخرا ً ومثيرا للشفقة والخجل أحيانا ً، فتتصدر المجلس لتتحدث عن النساء اللاتي يلبسنها وتضايقها أشكالهن حيث لم تعد تتحمل أن ترى تلك المناظر أبداً، ولم تعد قادرة على مشاهدة هذا اللون الأسود الذي يصيبها بالكآبة والضيق والخزي، فهي لم تصدق متى تسافر وتهجر العباءة وتخلع معها كل القيم والمبادئ والفخر والاعتزاز بها - ولا أعمم -.

فمن أعطاكن الحق حتى تسخرن من أبناء وبنات وطنكن وممن هم أقل من مستواكن المادي أو الاجتماعي؟

وهل أعطاكن الله سبحانه وتعالى الحق والموافقة على السخرية والاستهزاء بأحكامه وشرع دينه وقرآنه والملتزمين به؟!

منذ متى أصبحت العباءة التي هي رمز للستر والعفة والإسلام موضع غمز ولمز ومادة دسمة للنكتة والاستهزاء وصاحبتها لقمة سائغة في أفواه (السعوديات) نعم السعوديات!!

أبشر نحن أو أنبياء مطهرون حتى نحكم على الآخرين ونتداول سيرهم (الطيبة أصلا ً) بأحاديثنا؟؟ وهل خفت أكتافنا كثيرا حتى نبحث عن وسيلة لنجمع فيها كومة جديدة من الذنوب والخطايا؟!

قد يعتقد البعض أنني أبالغ ولكن هذا ما يحدث فعلا ً في المجالس والألسن.

ويجب أن أنوه أن هؤلاء موجودين ولكنهم ليسوا الكل.. كما أن ليس كل من لبست عباءة هي إنسانة طاهرة بل إن البعض يلبسها لأسباب مختلفة مخير أحيانا ومجبر أحياناً أخرى.

ولكنني ضد المبدأ أولاً.. ضد أن نستهزئ بهذا الرمز والزي الإسلامي الذي يجب أن يكون رمز فخر وشرف وليس العكس فمن بلاه الله بغير لبسها فليستر على معصيته ولا يتبجح أو يتكبر.

ولهؤلاء ممن ينظرون لمن هم أقل منهم بنظرة دونية واحتقار أقول.. إن هؤلاء سهروا وتعبوا وكافحوا وخططوا كثيراً لتلك الرحلة فذهبوا بعرق جبينهم بحثاً عن المتعة والراحة بعد شوط طويل من الركض خلف لقمة العيش الرزق الحلال وغيرهم لم يستطع حتى السفر للسياحة داخل المملكة

فليس لكم أو لغيركم أية حق بالاستهزاء بهم والنفور منهم، فمن حباه الله بمال وسعة في الكسب والرزق يجب أن يتواضع بل ويتحسس احتياجاتهم وآلامهم وبالتالي يعرف قيمة ماله ورزقه فيشكر الله سبحانه وتعالى وهو الذي بيده كل شيء.. والله من وراء القصد.

نبض الضمير:

قال محمد صلى الله عليه وسلم: (اللهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني مع زمرة المساكين).

***





 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد