سأعترف هذه المرة بأن الدهشة أخذتني حين اكتشفت أن المرأة قد تكون أخطر من الرجل في بعض الأحيان، وذلك عندما تمارس جمع الأموال، وتوفير الأماكن الآمنة للعناصر المطلوبة بعد تجهيزهم،
في معركة الصراع بين قوى الخير الشر. « هيلة القصير « صاحبة مشروع وقرار استطاعت خلال - عامين ماضيين - من جمع تبرعات لتنظيم القاعدة في اليمن عبر عمليات غسيل أموال، فاقت « المليوني « ريال سعودي إضافة إلى استجلاب صغيرات السن من أسر المطلوبين أمنيا ؛ لإدراجهن في التنظيم، واستقطاب عدد من زوجات المطلوبين وأخواتهم بلغت أكثر من « ستين « عنصرا متورطا في العمليات الإرهابية؛ للحاق بهم في اليمن، كما فعلت مع « وفاء الشهري « زوجة « سعيد الشهري «.
أمسكت برأسي، وأنا أقرأ إحصائية صادرة عن أحد مراكز الأبحاث أشار إليها أخي خالد المشوح وفيها: أن « 40% « من مواقع أصحاب الفكر المتطرف كانت تديرها نساء أعمارهن بين « 18- 25 «عاماً، وكان لهن الدور البارز في التأثير على الأخ، أو الزوج، ودفعه للانضمام إلى جماعات الفكر الضال، مع تقديم الدعم المعنوي، أو التقني لهذه التنظيمات. ويبرز موقع « الخنساء «، كأنموذج يعبر عن الرغبة الجديدة لدى « القاعدة « في تجنيد النساء في أعمال الإنترنت، حيث يخاطب الموقع المرأة بشكل خاص.
ولفت الموقع عدداً من وسائل الإعلام العالمية، مثل صحيفة « لوموند « الفرنسية، وشبكة تلفزيون « إيه بي سي « الأمريكية، حيث تناقلتا عن الموقع قصصاً ومقولات تحريضية، « كقصة الفتاة « التي نذرت نفسها على الإنترنت لأول من يفجّر مبنى القنصلية الأمريكية بمدينة جدة، وقصة من أسمت نفسها ب « المجاهدة « « أم أسامة «، والتي قامت بإدارة أحد المنتديات بالإنترنت لترويج أفكارها من خلاله الأمر الذي أدى لاستدراج الكثير من النساء لفكرها الضال، لدرجة أنها عندما أعلنت عن تراجعها بعد محاورتها تراجع معها أكثر من «40 « امرأة.
وفي أحد حواراته المسجلة حرص المطلوب «سلطان بن بجاد العتيبي»على الإشادة بدور زوجته « أم حمزة « - التي توفيت بمرض السرطان -، في جمع الأموال، وإيواء الإرهابيين في منزلها، وتوزيع الكتب والأشرطة التي تحتوي على تكفير المشايخ والعلماء، مشيرا إلى أنها كانت تواقة إلى القيام بعملية انتحارية في المملكة.
من جانب آخر فقد علل بعض الباحثين إلى أن الاستعانة بالعنصر النسوي جاء من أجل تمرير أفكار القاعدة المضللة، بأنه فشل وقع فيه التنظيم الإرهابي في تجنيد الذكور. وأحسب أن هذا التحليل ليس دقيقا إلى حد ما، فمن يقرأ إستراتيجية تنظيم القاعدة قراءة واعية متأنية يصل إلى نتيجة مفادها: أن دعم المرأة اللوجستي للقاعدة، لا يقل أهمية عن أنشطة القاعدة الأخرى، تحقيقا لأهداف التنظيم، كتقديم الكثير من الخدمات التي تساند الخلايا الإرهابية، وتقف جنبا إلى جنب معه، بدءا من تبني الفكرة والاقتناع بها، ومرورا بالترويج لها والحصول على الدعم المادي والمعنوي، وانتهاء بالمشاركة في العمليات الانتحارية، وإن كان تنظيم القاعدة لا يؤمن بالدور القيادي للمرأة في تنفيذ عمليات انتحارية.
بدا من خلال التحليل أنه لا توجد دراسات علمية ميدانية، أوإحصاءات رسمية عن تطرف المرأة. فالاهتمام بالتطرف النسائي ضعيف، ومع أنه لا يشكل ظاهرة، بل هو استثناء، إلا أنه لا يمكن تجاهل دور المرأة عند دراسة هذه الظاهرة، أو فصله عن سياقه العام في تكوين ثقافة العنف. - خاصة - وأن تلك المجتمعات النسائية يصعب اختراقها من قبل رجال الأمن. ولذا فإن بعض الدراسات العلمية تشير إلى أن بيئة أسر الإرهابيين هي بيئة مرشحة بقوة ؛ لنمو الأفكار المتطرفة، - ولاسيما - بين أطفال ونساء هن قليلات علم ودراية وخبرة. فالمرأة بتكوينها العقلي والنفسي والعاطفي والاجتماعي أقرب للاستجابة لتلك المناخات الخصبة بالتطرف، متى ما خدعت بقناعات هذه التنظيمات الفكرية، وتحت ذرائع مختلفة.
drsasq@gmail.com