عرس العالم الكروي ينطلق اليوم متخذاً من القارة السوداء مسرحاً لهذا الحدث الذي يتفاعل معه كل من يعيش على كوكب الأرض ويعتبره عرسه الخاص.
مئات الملايين من البشر سيتابعون هذا العرس الإنساني الكبير، من رعايا الدول التي وصلت إلى جنوب إفريقيا لخوض المباريات النهائية وأمل الحصول على الكأس الذهبية والتربع على الزعامة الكروية الأممية، بل إن رعايا هذه الدول ليس وحدهم الذين ستتسمر عيونهم على شاشات التلفاز، فستشاركهم عيون مليارات من البشر، ولذلك فإن المناسبة التي ستتواصل قرابة الشهر هي فرصة ثمينة وفريدة للدول التي وصلت فرقها للعب المباريات النهائية لكأس العالم للتعريف بتلك الدول، بثقافتها، وتاريخها وسياستها واقتصادها وتراثها، ولهذا فإن العالم سيعرف عن دول صغيرة لم تكن معروفة ويصبح عارفاً بكل شيء عن تلك الدول التي كانت ستحتاج إلى ملايين الدولارات للصرف على حملات إعلامية للتعريف بها وفَّرتها بوصول منتخبها الوطني إلى نهائيات كأس العالم، وبالمقابل كم خسرت تلك الدول التي تعثرت منتخباتها الوطنية وعجزت عن تحقيق حلم مواطنيها الذين سيتابعون بحسرة مباريات دول لم يكونوا يسمعوا بها وهي تلعب وتتناقل اسمها ويتحدثون عن تاريخها وثقافتها، والآخرون الذين عجزوا عن الوصول إلى المسرح الأممي الكروي المتمثل في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، اقتصر دورهم على المشاهدة، وتكرار القول بأنهم يخططون وبأساليب علمية ولآماد طويلة للتواجد في هذا المحفل الدولي الذي لم يعد يعكس فقط التفوق الكروي، ولكنه مرآة لعكس التطور والنهضة في البلد الذي يصل منتخبه الوطني إلى هذا المحفل.
لعبة كرة القدم لم تعد وسيلة لتمضية الوقت وإشغال الشباب، ولا للترفيه، بل هي وسيلة وأداة توصيل ثقافي وحضاري يتطلب أن توضع له خطط علمية مدروسة بدقة لتحقيق أهداف عليا أصبحت مطلباً وطنياً ملحاً.
***