الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام، وبعث إلينا خير الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، وجعلنا من أهل بيته الحرام، وأمّنا وجعله بيتاً آمناً وبلداً آمنا. وتوالت الأزمان، وتتابع الرجال الذين أكرمهم الله بتحمل المسؤولية لرعاية هذه الأمة في أرجاء هذه المملكة العربية السعودية، حتى حمل الراية (أبو متعب) الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وواصل المسيرة وكان نعم الرجل ونعم الإنسان، ومضت بنا خمس سنوات عطرة ندعو الله أن يحفظه ليواصل المسيرة ويعينه وعضده ولي العهد ونائبه الثاني والحكومة الرشيدة..
وعندما نقف هذه الأيام لنتذكر تلك السنوات العطرة البيضاء، نقول للملك عبدالله : شكراً.. فقد كنت نعم الملك، ونعم الإنسان، وقد أجرى الله على يديك الخيرات والنعم، ووفقك يا أبا متعب إلى احترام الإنسان كإنسان، وتصرفت بحكمة وأمانة ومسؤولية، وكنت شجاعاً مقداماً على أمور شهد لك بها المواطن والمقيم، والرجل والمرأة والطفل، ورجل المدينة والبادية، ثم شهد لك العالم العربي تلك المواقف الحكيمة، والتحرك الواعي وجمع الكلمة ووحدة الصف، ثم شهد العالم وقدم شهادات تقدير وجوائز كرمز لتقدير المراقبين العالميين لما يجري في بلادنا ولله الحمد بقيادتكم -حفظكم الله-.
ولن ننسى جميعاً موقفك الكريم مع الأهل في غزة خاصة وفلسطين، ونجداتك ودعواتك المستمرة لهم لجمع الكلمة ووحدة الصف، وما قمت به من خطوة شجاعة في جمعهم بجوار البيت العتيق، ونصيحتك لهم وأخذ العهد عليهم.
لقد كنت صادقاً مع الجميع وتحركت في كل اتجاه فجزاك الله خير الجزاء وأمد في عمرك لمواصلة المسيرة.. والأمة معك وتدعو لك وتسأل الله أن يحميك ويحفظك ويوفقك، ونشهد الله أننا على الطاعة ثابتون وعلى الحمد دائمون ولكل الخطوات مقدرون.
وكم فرحت أيها الملك الإنسان وأنت تأخذ تلك الخطوات الجادة في مسيرتنا الاقتصادية، وتستمع إلى حكماء الأمة، وتسأل الله التوفيق حتى خرجنا من تلك الأزمة العالمية الطاحنة بفضل الله وعونه، ثم بالحكمة التي سارت عليها هذه البلاد، وواصلت المسيرة، وكان في مقدمة اهتمامك العناية بالحرمين الشريفين، وهذه التوسعات الكبيرة، ثم هذه الخطوة بفتح الحرمين الشريفين والمسجد النبوي خاصة لضيوف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليدخلوه آمنين مطمئنين مفتوحا لهم على مدى الليل والنهار، وتلك الخطوة الموفقة بربط العالم الإسلامي بل العالم أجمع بالحرمين الشريفين من خلال قناة خاصة وكانت خطوة إعلامية رائدة، ولا شك في أن اتصال العالم بنا من خلال هذه النوافذ الشريفة هو من فضل الله علينا، وجزى الله خيراً أجهزة الإعلام، وهذا الوزير الفذ الذي سارع إلى تلك الخطوات الجادة، وجعل الإعلام يقتحم الحواجز ويصل إلى الناس وإلى الطرف الآخر.
ثم تلك الخطوة التي ربطت فيها رجال الفكر والأدب بأمتهم وشجعتهم على العطاء، ومنحتهم تلك المساحة الواسعة من الحرية في القول والعطاء وجاءت الخطوة في عنايتك بالتعليم، وهذه الجامعات التي انتشرت في أنحاء المملكة استجابة للنداء الأول من رب العزة والجلالة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.. ومن خلال إدراكنا أن الانطلاقة من التعليم ومن إصلاح التعليم، ومن العناية بمناهج التعليم وبمعلميه وبالكتاب التعليمي لنسير بتوجيهاتكم إلى الأمام وليوفق الله الابن الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود وزير التربية والتعليم وأسرة الوزارة بإكمال هذا المشوار الذي فيه روح النهضة وسرها ومفتاح تقدمنا ومسيرتنا..
وإنا لنذكر يوم حمل هذا الملك الصالح الراية، وارتفع فوق الخصومات وسار إلى تحقيق الغايات، ووضع في سبيل ذلك كل المعطيات، وشاءت إرادة الله أن ينجح مؤتمر القمة في الكويت في ظروف صعبة وجو مفعم بالقلق لدى كل عربي مخلص، ولكن الله سبحانه وتعالى شاء أن يتحرك هذا الملك الإنسان العربي الأصيل ذو النخوة والمروءة والأصالة العربية، وضحى بكل شيء ونسي الخلافات، وارتفع فوق الخصومات ومد يدا بيضاء لكل أخ عربي شعر بأن في احتضانه خير لهذه الأمة وعزتها وسموها.
هكذا رد هذا الملك المؤمن الأمر إلى الله فأعانه الله وتحرك لرفع كلمة الله وجاهد النفس وقهرها ليسمو فوق كل خلاف من أجل رفع كلمة هذه الأمة ولم شملها وتوحيد صفوفها فوفقه الله إلى حمل الراية ودعا الجميع ليمسكوا معه الراية فكان هذا النجاح الذي فرحت له الأمة بكاملها.
وجزاك الله خيرا أيها الملك وأنت تتحرك بهمة وإخلاص وبلا ضجيج في الاتجاه الذي يخدم مصالح الأمة، وشكرا لك أن حملت الراية وتحركت برجولة وصدق وتحدثت بأمانة ومسؤولية.. لقد ضمدت الجراح وألغيت المزايدات، وجزى الله رجالاً قيموا هذا العمل بأنه عمل صالح، ولم تشعل النار، أو تثأر لما أصابك من نقد غير منصف، وكلمات ابتعدت عن أدب الحوار، وإنما مددت يدا بيضاء لكل من أساء لأنك أردت نزع الفتيل وإطفاء النيران، ولعمري لقد كان حديثك حديث الرجال الأوفياء والزعماء المخلصين، كنت حكيما عاقلا محاطا بتوفيق الله عزَّ وجلَّ.
ولا نملك إلا أن نشكر الله على كل ما وفقت إليه.. وإذا كنا نهنئكم بمرور هذه السنوات الخمس فنحن أحق بالتهنئة.. لأننا جميعاً نبني هذا الوطن.. ونسير خلف رجل حمل الراية.. وتوكل على الله وهو حسبه.