لا أزال أحمل في حلقي غَصَّة من هذه القِصَّة، على الرغم من أنه مرَّ عليها معرضان للكتاب، فلقد غضب الروائي والصحفي المصري جمال الغيطاني من مداخلة الدكتور عبد الرزاق اليوسف في ندوة «الثقافة العربية: المركز والأطراف»، والتي أوضح الأخير فيها أن دور مصر الثقافي تراجع عما كان عليه في السابق.. واتهم الغيطاني اليوسف بمحاولة إهانته، وهدد بأن يحمل حقائبه إلى المطار ليغادر المملكة.
لقد قلت في حينها:
- يا سلام على المثقفين العرب.
أين قبول الرأي والرأي الآخر؟!! أين التسامح الفكري، وأين هامش الاختلاف؟! أين تعزيز التعبير عن الذات وتكريس مفهوم حرية الرأي؟! كيف سيحارب المثقفون العرب فكر الإرهاب، وهم إقصائيون بنفس الدرجة، إن لم يكن أكثر، فهم يحتلون معظم المنابر المتاحة للتعبير عن الرأي؟! كيف سيصدرون للآخر الغربي فكرة أنهم كعرب وكمسلمين يتيحون المجال للجميع للإدلاء بكل مكنوناتهم دون خوف من هجوم معاكس ودون الوجل من تصفية مضادة؟!
ربما أختلف مع رأي اليوسف مئة بالمئة.. لكن الذي ليس فيه ربما أبداً، اختلافي التام مع الغضب غير المبرر والتهديد غير المقبول من جمال الغيطاني، رئيس تحرير أهم مطبوعة ثقافية مصرية، والذي كنا نظن أنه يُمثِّل الجيل الذي كرَّس الحوار.
يا ترى كم من مثقف عربي سريع الغضب والتهديد مثل جمال؟! ويا ترى كم مسؤول ثقافي عن مطبوعة واسعة الانتشار.. أو وسيلة إعلامية مؤثرة مثل الغيطاني؟!
