كان الأمير سلمان في برلين محل حفاوة مسؤوليها ومواطنيها حتى اللحظة الأخيرة قبل مغادرته لعاصمة ألمانيا مختتماً زيارته الرسمية لها، فقد تميز آخر يوم في الزيارة بحدثين مهمين (وداعيين) الأول عندما توجه سموه إلى أكاديمية برلين براندينبورج للعلوم وهو في طريقه للمطار منهياً زيارته الرسمية، وهناك كانت الكلمات التي تحدثت عن مناقب الأمير وريادته وتميزه إنسانياً ووطنياً وعربياً وعالمياً وفي مجالات عدة، وهي شهادات حرص الألمان على أن يبوحوا بها قبل أن تقلده الأكاديمية ميدالية (كانت) التي لا تمنح إلا للعظماء من الرجال، أما الحدث الثاني فقد تميز بطابعه الإنساني وتعامله الراقي وذلك عندما اصطف (طاقم) من المسؤولين والعاملين على جانبي بوابة الخروج في فندق ريتز كارلتون لحظة المغادرة الوداعية لسموه وذلك لتحيته بعد أن تشرف الفندق بضيافته خلال فترة إقامته هناك، وكان سموه قد صافح المصطفين في الجانب الأيمن بينما حال التجمهر دون أن يحيي من كانوا بانتظار السلام عليه في الجانب الأيسر، غير أنه عاد قبل أن يستقل سيارته إلى الفندق مرة أخرى ليصافح بقية من كانوا بالانتظار لوداعه، ولا بد أن أحداً من مرافقيه قد نبهه إلى ذلك فسارع وسط تقدير وترحيب من الجميع لهذه اللفتة الإنسانية للسلام عليهم.
***
موقفان يختصران لنا شخصية سلمان (وكارزما) هذه الشخصية التي أبهرت الأصدقاء في برلين، وأضيف إليها تلك الروح المرحة التي كان يتعامل بها أمير الرياض مع مرافقيه في لحظات راحته، وكيف كان يكثر السؤال عنهم ويحرص على أن يكونوا قريبين منه، حيث كان يتبادل معهم النقاش حول كتاب قرأه أو موضوعاً استرعى انتباهه في جو علمي وثقافي اعتادت مجالس سلمان أن تتميز به في الداخل والخارج.
***
وبالعودة إلى الزيارة (الأميرية) إلى ألمانيا، وما يمكن أن يقال عنها، فإنها بكل المقاييس حين ننظر إليها من الزاوية التي حركت شهية الجانبين لخلق المزيد من فرص التعاون، يمكن أن يقال عنها إنها زيارة ناجحة، وإن الجهد الذي بذله الأمير والأسلوب الذي اتبعه في طرح ما تريده المملكة قد عزز الموقف السعودي في رؤيته لحجم وأنواع وأسلوب التعاون بين الدولتين، لتكون المملكة في هذه الزيارة قد أنجزت المزيد من تطلعاتها ونظرتها للتعاون مع دولة صناعية وسياسية فاعلة كألمانيا.
***
وبالتأكيد، فإن من يريد أن يطلع على أجواء الزيارة، وعلى المناخ الذي ساد هذه الأجواء، وأن يتعرف على تفاصيلها الدقيقة، بما في ذلك الرؤية السعودية، فإن عليه أن يقرأ من جديد كلمات الأمير سلمان بن عبدالعزيز في مختلف المناسبات التي صاحبت الزيارة، فقد عبر سموه عن آفاق التعاون بين المملكة وألمانيا، والطموحات التي تسعى المملكة إلى تحقيقها، والإنجازات التي حققتها ولم تبلغ بعد كل تطلعاتها، وأن التعاون مع ألمانيا إنما هو سلسلة من فرص كثيرة متاحة لنا ولهم كي نحقق لشعبينا آماله في حياة حرة آمنة وكريمة.
***
وبالتأكيد -مرة أخرى- فإن زيارة الأمير سلمان الرسمية لبرلين، قد عززت الإخاء بين عاصمتي الدولتين، وفتحت المجال مستقبلاً نحو المزيد من فرص التعاون، وأن هذه الزيارة قد أذنت من جديد للمؤسسات الحكومية والخاصة لإعداد برامج كثيرة من التعاون المشترك بين بلدينا، وأن آفاق هذا التعاون موعود بالجدية والدعم والمساندة من حكومتي الدولتين حتى يبلغ من النجاح ما تم التخطيط له سواء عند التحضير لهذه الزيارة أو خلالها أو قبل ذلك بكثير.
انتهى