بالرغم من أنه لم يمض شهر واحد على التحاقه بسلك الشرطة، إلا أنه قد فعل ما لم تفعله العديد من الفرق الأمنية المكلفة بضبط (الشارع السعودي) وقد أصبح بما يملكه من خبرة ورؤية ثاقبة هو السيد المهاب الذي يطبق النظام بحذافيره دون أن يصغي إلى واسطة أحد أو يتحيز إلى أحد دون أحد، أو أن يغض الطرف عن هذا دون ذاك، أو يسامح أياً كان على حساب القانون وهو لا يعرف -مطلقاً- (خشمك أذنك) و(امسحها بوجهي)، أو من (شان فلان) أو من أجل علان، والسبب في ذلك كله أن السيد المهاب إياه لا ينتمي إلى قبيلة ولا لمنطقة ولا لطائفة ولا لفئة ولذلك لا يعرف المجاملة على حساب الوطن ولا (يُخاشي) ولا يخشى في الحق لومة لائم. وهو لا يعرف مطلقاً (التجني) أو الظلم و(التقصد) لأنه أساساً لا يعرف أحداً على الإطلاق(!!) إلا اللهم من يخالف النظام فهو يعرفه جيداً ويصوره بالصوت والصورة حتى لا يدعي أنه قد ظلمه أو افترى عليه!!
وهو بالإضافة إلى ذلك لا يكل ولا يمل، ويواصل الليل بالنهار لترصد الأخطاء وذلك لأنه يملك عيناً سحرية لا يغمض لها جفن ولا يرف لها رمش وسيبقى (كذلك) طوال خدمته في وزارة الداخلية وفي إدارة المرور تحديداً وحتى ينتهي عمره الافتراضي، أو تداهمه سيارة رعناء يقودها شاب أرعن بطريقة أكثر رعونة من السيارة وصاحبها، وهذا بالطبع لا يعني نهايته المحتومة لأن وزارة الداخلية تملك الكثير من صنفه الفريد وبمقدورها أن تبدل (زامه) بزميل آخر له نفس المزايا والفعل والفاعلية، ولعل من مزاياه الحميدة أنه لا يطلب إجازة أبداً ولا يستأذن الضابط في إحضار الأبناء من المدرسة لأنه بدون أبناء أصلاً، ولا كذلك إخوة أو عائلة (أي مقطوع من شجرة) ولكنها شجرة تكنولوجية لا تعرف العواطف مطلقاً لذلك لا يسمح ولا يسمح مهما (ترجاه) المخالف. وفيه ميزة نادرة أنه يبقى (ساهراً) طول الدهر مع (الأعين الساهرة) على أمن هذا الوطن. فهل عرفتموه. إنه الشرطي (ساهر) آخر فرد التحق بخدمة المرور.