السحتيون نسبة إلى السحت وهو كل حرام قبيح الذكر، وقبيح المصدر، والسحت الحرام لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها ويسحت التجارة أي يخبثها،
والسحتيون هم الذين تعودوا أكل الحرام حتى نمت منه أجسامهم، سواء عن طريق الربا أو عن طريق الاستجداء أو عن طريق بيع الكلام المزيف أو المخادعة أو الكذب أو البهتان، قال تعالى: (وَتَرَى كَثِيرًا مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) وفي الحديث الشريف (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) والسحتيون هم أولئك الذين لا يتمتعون بأي رادع أخلاقي ولا وازع ديني فينطلقون بشراهة إلى أكل أموال الناس بالباطل، حتى انتفخت أوداجهم وكبرت كروشهم وتبرمت سيقانهم وتضخمت أجسادهم، وازرقت وجوههم وضاق بهم الملبس، إنهم شوكيون يحملون مساحيهم ومناجلهم دون إيقاع روحي، لا أطيافهم لها هيبة، ولا طرقاتهم معبدة، ولا أصواتهم لها طعم العذوبة، سكاكينهم مشحوذة بالموت المؤجل، إنهم يشبهون السيارات المفخخة الجاهزة للقتل، لهم وجوه تمطر بالسواد، خيول مجنونة في تصرفاتهم، شمع محترق في ليلة باردة، أعواد ثقاب، ملفوفون بالثلج والبرد، أشجارهم ميتة، وصنابيرهم ليس بها ماء، لهم طعم الموت وطعم السم، بحارهم ليس بها نوارس، وسفنهم غير مشرعة، وفوانيسهم ليس بها ضوء، حب السحت هو نديمهم الأول، وصاحبهم الذين يحسنون الرقص معه، في إفريقيا يقرعون الطبول حين العرس وحين الموت، بينما السحتيون يعزفون موسيقاهم حين الكسب السحتي، سيفرحون وسيبتهجون، لكنهم حتما سيواجهون يوماً الأعاصير والنار والزلزلة، وسيبكون في حضرة الموت، مثل أعمى أضاع الطريق إلى البيت، سيأخذهم الموت بقوة مريبة، وسيكنسهم مثل ريح شديدة عاتية، وستتناثر أوراقهم على الأرض، وستكون الخاتمة، التي تشبه حفلة أشباح سيحيطون ببعض بأجساد نصف عارية ونصف مجنونة، سيسودهم الكتمان، وسيعلقون في التوجس، وستغفو أجسادهم فوق طحالب الأشياء، أيها السحتيون، أفيقوا وحاولوا أن تضعوا أقدامكم على الصراط المستقيم، اتركوا أخيلة السحت التي دهمتكم، والسرادق المنفوخة التي سدت منافذكم وتوشحت بالسواد، وتعالوا للحياة النقية، والهواء العليل، واستمعوا لصوت العصافير في غسق الفجر، وتعلموا كيف تجلبون الماء العذب إلى غراس البساتين.
ramadanalanezi@hotmail.com