تداخل العمالة الشرق آسيوية (نظامية ومخالفة) وتغلغلها في مجتمعنا يدعو للدهشة والإعجاب في آن واحد, والدهشة تخمد كلما تدارسنا مع أنفسنا الأسباب المشجعة على محاولتهم اختراق الأسرة والمجتمع السعودي بشتى الطرق والأساليب, فكما يقال: إذا عرف السبب بطل العجب, أما مصدر الإعجاب فهو أنهم كالنمل في دأبهم وإصرارهم وصبرهم، إلا أن هدفهم ليس ما تطلبه النمل فهم يجدون في سبيل جمع المال مهما كان مصدره وبأي وسيلة, وكذلك فالتعجب يتزايد من قدرتهم على تصنُّع الحيل وصنع الأكاذيب والأباطيل لتصوير واقعهم أمام أعين أهل البلاد بأنهم مساكين جاءوا إلى ديارنا مخدوعين مظلومين من قبل سماسرة يحترفون المهنة ولا يرحمون, لم تترك العمالة فرصة للابتزاز والخداع وملء المحافظ بالريالات إلا واستغلتها رضينا أم أبينا, ومبدؤهم في ذلك (إياك والخجل وأن يدب الذوق إلى نفسك أيها الآسيوي) فأنت بين أقوام تكسر قلوبهم ثيابك الرثة وهيئتك المتمسكنة, وخنوعك المسرحي، فإذا ظفرت بما في أيديهم وجيوبهم ابدأ بالابتزاز والسرقة وبيع المحرمات والممنوعات, ومصدر العجب لم يكن ليحدث لولا ترك الثغرات لهم مفتوحة ابتداء من استقدام فئات عمالية رديئة لا خبرة لديها بل إن بعضها من ذوي السوابق وأرباب الجرائم والسجون, وفي الآونة الأخيرة يبدو أن المصحات العقلية هناك قد فتحت لتضخ لبلادنا ذوي الأمراض العقلية والنفسية ليستريحوا من أعبائهم ومن ثم ليستفيدوا من تحويلاتهم من العملات وبالتالي علاجهم عند الناس الطيبين ذوي القلوب الرحيمة (وهذه في قاموسهم تعني البلهاء), في كل يوم نقرأ ونسمع أخباراًَ عن عمالة آسيوية رجالاً ونساء تقترف كل محرم وممنوع, ولم تتناقص نسبة النشر والإعلان عن قصصهم وأخبار مغامراتهم وشطارتهم في بلادنا وتباريهم أيهم أقسى قلباً وأجرأ على اختراق الأنظمة وامتهان كرامة بلد وشعب فتح لهم القلوب والبيوت وأكرمهم وكأنهم من أفراد أسرته ثم يقابلوننا بالجحود ونكران الجميل، ألم يبلغ بنا الكرم والتقدير لهم بأن أباح بعضنا إرضاعهم ليكونوا في تعداد العائلة وربما نادينا مستقبلاً بمنحهم حق إضافة أسمائهم في بطاقة العائلة وتسجيلهم في قائمة انتظار قروض الصندوق العقاري, وترشيحهم للمجالس البلدية ولا أستغرب أن ترشّح أحدهم لمنصب العمدة والمحافظ (أليسوا منا)؟! يرون أن لا لوم عليهم فهم يشعرون أن الحق على نظام بلد استقدمهم، وهم في قرارة أنفسهم يعلمون أنهم غير كفء لذلك، فمن الأولى أن يكمل هذا النظام استيعاب بقية الأخطاء بكل أدب وتحضر معهم, أو أنه لا يستقدمهم أصلاً لعدم أهليتهم للعمل, أليس كذلك؟! يبدو لي أن هذا ما يدور في عقولهم ونفوسهم المريضة, لكن السؤال القديم الجديد: إلى متى؟!
إن كانت الأمور قد اتضحت للجهات المعنية والمسؤولة، وعرفت أسباب تفاقم خطر (العمالة الدونية الرديئة) فلماذا لا نتعامل معهم بحكمة وتدرج بخطط مجدولة مرسومة حتى ننتهي من مشكلاتهم وإزعاجهم الذي يتزايد في كل اتجاه، وإحلال عمالة أفضل وبالتدرج ذاته.