يصادف يوم الأربعاء الموافق للسادس والعشرين من جمادى الآخرة من العام ألف وأربعمائة وواحد وثلاثون للهجرة الذكرى الخامسة لتولي سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - مقاليد الحكم في المملكة العربية السعودية بعد مبايعته من الأسرة المالكة الكريمة والشعب السعودي المخلص الوفي في السادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة من العام ألف وأربعمائة وستة وعشرين للهجرة والذي بدا عهده بكلمة سامية وتوجيهية لأبنائه المواطنين بيّن - رعاه الله - سياسته الحكيمة وأهدافه النبيلة لخدمة دينه وأمته. وجاء في كلمته - رعاه الله - قوله: (أعاهد الله ثم أعاهدكم على إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة). وهو بهذا ينهج سياسة والده المؤسس العظيم جلالة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وإخوانه الملوك الذين سبقوه - رحمة الله عليهم -. نعم لقد ابتدأ الملك المفدى المسيرة المباركة بالاعتماد على الله سبحانه وتعالى وصدق النوايا ومواصلة مشوار العطاء والبناء والإنجازات العطرة. وتم له بحمد الله ما أراد وتحقق ما كان يصبو إليه، وقد يلحظ المتأمل لعهده الزاهر أن المملكة العربية السعودية شهدت منذ توليه - أيده الله - العديد من المشاريع الضخمة والإنجازات الهادفة في شتّى المجالات التعليمية والطبية والاقتصادية والعسكرية والبنية التحتية وغيرها من المشاريع المفيدة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.
وها نحن نعيش اليوم - ولله الحمد والشكر - في رخاء ورغد عيش وأمن وأمان رغم المصاعب الاقتصادية التي مر بها العالم وهذا بطبيعة الحال بفضل من الله ثم بفضل الحنكة والسياسة الحكيمة لسيدي خادم الحرمين الشريفين سدد الله خطاه. الذي هو مع أبنائه دائماً وأبداً في السراء والضراء يعايشهم ويحس بمشاعرهم ويغمرهم بين الحين والآخر بالمكارم الجميلة والمشاريع العملاقة التي تحمل في طياتها النفع والفائدة للجميع. ولعلنا نتذكر ما بدا به - حفظه الله ورعاه - بزيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين وتخفيض أسعار الوقود وزيادة مستحقات الضمان الاجتماعي وصرف نسبة غلاء المعيشة وإنشاء العديد من الجامعات والكليات والطرق وغير ذلك من المكارم النافعة التي قد لا يتسع المجال لذكرها. وفي هذا السياق لا بد وأن أشير هنا بإيجاز إلى مكارمه - رعاه الله - خلال العام الماضي وأبدأ بالحدث الأكبر والأهم المكرمة الغالية لأبنائه الطلبة من السعودية أو الدول العربية والصديقة ألا وهو إنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بمحافظة جدة والذي تم افتتاحها على يد الملك عبدالله وبحضور العديد من قادة بعض الدول العربية والأجنبية. وأيضاً أمره الكريم بتمديد برنامج الابتعاث الخارجي لأبنائه الطلبة الخمس سنوات أخرى وأمره كذلك - رعاه الله - ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية لأبنائه المواطنين في جازان.
لقد كان من أولويات الملك عبدالله وفقه الله هو إرساء العدل بين أبنائه المواطنين وتقديم كل ما من شأنه لخدمتهم وإيجاد الراحة والسعادة والطمأنينة وتوفير أفضل سبل العيش لهم. إن ما يميز سيدي خادم الحرمين - رعاه الله - هو حرصه الشديد والدائم على رفاهية أبنائه المواطنين وسلامتهم والتأكيد من أنهم يعيشون بأمن وأمان ومن منا لا يتذكر زيارته الكريمة لمناطق المملكة في بداية عهده الزاهر والتقائه بأبنائه المواطنين وتلمس احتياجاتهم وحل مشاكلهم. وهذا بطبيعة الحال لا يستغرب على ملك القلوب - أطال الله عمره - فهذه سياسة حكام هذا البلد المبارك وهذا هو ما تعوده أبناء شعبهم منهم وفقهم الله ورحم من مات منهم وأسكنه فسيح الجنان.
ولا يقتصر اهتمام الملك عبدالله - رعاه الله - على أبنائه المواطنين فحسب، بل إنه من مبدأ الإسلام والعروبة لم ينس يوماً من الأيام إخوانه المسلمين في شتّى بقاع المعمورة، ولم يغفل عن الوقوف معهم في الشدائد والمحن وتقديم المساعدات اللازمة للمحتاج منهم كما أنه - أيده الله - يسعى جاهداً إلى لم شمل الأمتين العربية والإسلامية وجمع كلمتها ويحرص دائماً وأبداً إلى خلق أواصر العلاقة الطيبة والمحبة ونبذ المشاكل والخلافات والتفرقة، فقد حرص - رعاه الله - على جمع كلمة إخوانه الفلسطينيين ولمْ شملهم ورأب الصدع بينهم وتوحيد صفهم، وأيضاً سعى للصلح بين إخوانه المسلمين في الصومال والعراق وأفغانستان وغيرها.
كما أنه - رعاه الله - يشدد على ذلك في كل قمة أو مؤتمر يجتمع فيه مع إخوانه القادة العرب والمسلمين. لقد سعى جاهداً الملك عبدالله لعقد مؤتمر للأديان ليبيّن للعالم أجمع أن المسلمين شعوباً مسالمة تحب السلام والخير والعيش بأمن وراحة شأنهم شأن الشعوب الأخرى المحبة لذلك. كما أنه أراد - رعاه الله - أن يوضح أن الدين الإسلامي دين محبة وتسامح وعدل ينبذ العنف والإرهاب والتخريب والدمار.
إن هذا هو عبدالله بن عبدالعزيز ملك السلام والإنسانية، خادم البيتين وخادم الأمتين. الملك المسلم العادل المحب لدينه وشعبه وأمته العربية والإسلامية.
في الختام، أسأل الله الكريم أن يطيل بعمرك - يا سيدي - ويوفقك ويكلل مساعيك بالنجاح، وأن يحفظ ولي عهدك الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. كما أسأله - عزَّ وجلَّ - أن يعيد هذه المناسبة الطيبة أعواماً وأعواماً وأنت - يا سيدي - تلبس ثياب الصحة والعافية وبلادنا تنعم بالأمن والرخاء في ظل قيادتكم الميمونة.