الجزيرة - حازم الشرقاوي :
الرياض على موعد مع تدشين المرحلة الأولى من مركز الملك عبد الله المالي في النصف الثاني من العام المقبل 2011 ليساهم في تحويل الرياض إلى مركز مالي مهم على مستوى المنطقة والعالم، ويعد قرار إنشاء مركز الملك عبد الله المالي بالمملكة خطوة مهمة تعزز مكانة الاقتصاد الوطني في المنطقة والعالم، باعتبار الرياض أكثر عواصم ومدن المنطقة المرشحة للقيام بدور المركز المالي للشرق الأوسط. ويدعم المملكة في هذا المجال العديد من الإنجازات والمراكز الاقتصادية المتقدمة عالمياً وإقليمياً التي حققتها خلال السنوات الماضية. ومن المتوقع أن يكون عامل جذب مهم للشركات والمؤسسات المالية العالمية، والمركز أقره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في مايو 2006 ليتناسب مع التطور المالي والاستثماري الضخم الذي تشهده المملكة. ويقع على مساحة 1.6 مليون متر مربع، عند تقاطع ثلاثة محاور رئيسية هي طريق الملك فهد شرقاً والطريق الدائري الشمالي جنوباً وطريق التخصصي (الثمامة) شمالاً وغرباً، إضافة إلى الجزء الواقع غرب طريق الثمامة والجزء الواقع جنوب الدائري الشمالي، وقد قدرت المؤسسة العامة للتقاعد التكاليف الإجمالية للمشاريع بنحو 5.5 مليار ريال.
الأكبر أوسطيا
كان الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية قد أعلن في مايو 2006 أن المركز المالي سيحمل اسم الملك عبد الله بحيث يصبح (مركز الملك عبدالله المالي). وأوضح أن هذا المركز جاء نتيجة لتضامن الجهات المشرفة على القطاعات المالية حيث بدأ الإعداد له قبل عام 2004، وبخاصة من قبل المؤسسة العامة للتقاعد المالك والمطور للمشروع، وهيئة السوق المالية التي ستكون محور الارتكاز لهذا المشروع العملاق الذي تبلغ مساحته حوالي 1.6 مليون متر مربع في شمال مدينة الرياض.
وسيكون هذا المركز الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، وسيضاهي في مستويات التنظيم والتقنية المستخدمة فيه ما هو موجود في أرقى المراكز المالية في العالم..
وقال سيكون هذا المركز هو المقر الرئيسي لهيئة السوق المالية، وشركة السوق المالية، القلب النابض لمركز الملك عبدالله المالي، بالإضافة إلى ما يرتبط بهما من شركات خدمات كالمحاسبين، والمحامين، والمحللين والمستشارين الماليين، وشركات الوساطة وإدارة الأصول، ومؤسسات التقييم، وقد روعي في التصميم إضافة إلى توفير المكاتب والمرافق الخاصة بالمؤتمرات وغيرها، توفير مرافق ترفيهية خاصة للعاملين، ومرافق تعليمية متميزة يأتي على رأسها (الأكاديمية المالية) التي ستعنى بتدريب وتطوير مهارات الجيل القادم من الشباب السعودي الراغب في التخصص في المجالات المالية التي يحتاجها القطاع المالي، وقال لقد أبدى عدد من البنوك العالمية الكبرى، وشركات الاستثمار، والمؤسسات المهنية والخدمية، العاملة حالياً في المملكة الرغبة في الانتقال للمركز الجديد.
المرحلة الثانية والثالثة
وكان قد تم طرح منافسة التصاميم المعمارية والهندسية للمرحلتين الثانية والثالثة من المباني المكتبية والسكنية للمشروع، وفيما يتعلق بالمباني الخاصة بهيئة السوق المالية والمؤسسات المالية الأخرى فقد تم تحديد المواقع الخاصة بهم ويجري حالياً استكمال تصاميم تلك المباني وإعداد جداول التنفيذ، وجرى توقيع عقد تصميم مبنى هيئة السوق المالية. ومن المتوقع أن يستكمل تنفيذ مشروع مركز الملك عبد الله المالي في منتصف العام 1433هـ (2012)، وكان محمد بن عبد الله الخراشي محافظ المؤسسة العامة للتقاعد قد أكد أن مشروع مركز الملك عبد الله المالي المقام بالرياض سيوفر العديد من الإيجابيات على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة والمنطقة، ومنها: المساهمة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية من خلال تسهيل ممارسة الأعمال المالية والاستثمار في المملكة من خلال توفير بيئة عمل عالية الجودة تجمع المؤسسات المالية في مكان واحد، وأكد أنه تم تصميمه وفق أحدث المعايير العالمية ليكون مركزاً ذا اكتفاء ذاتي ومذهلا لتسهيل ممارسة الأعمال المالية والاستثمار في المملكة، وقد عبرت عدة بنوك محلية وعالمية كبرى وشركات استثمار ومؤسسات مهنية وخدمية عاملة في المجال المالي بالمملكة عن رغبتها للانتقال إلى المركز للمساهمة بشكل فعال في تنويع نشاطات أحد أكبر اقتصادات العالم المعتمدة على النفط ، وقال الخراشي: إن المؤسسة العامة للتقاعد تتبنى برامج استثمارية تعود بالنفع على حقوق المتقاعدين وتساعد في تعزيز الموارد المالية للمؤسسة ، ولقد جاء استثمار المؤسسة في هذا المشروع انسجاماً مع هذه السياسة وسوف تقوم المؤسسة بتملك وتطوير كامل المشروع وإتاحة الفرصة لهيئة سوق المال والجهات الحكومية الأخرى مثل مؤسسة النقد وكذلك الشركات ذات العلاقة كالتأمين والبنوك والخدمات المالية بالحصول على مواقع مناسبة لها مجهزة بأحدث المستويات العالمية وقد بدأت المؤسسة بالفعل باتخاذ الخطوات اللازمة لذلك.
وتتوقع المؤسسة أن يخلق هذا المشروع بيئة عمل عالية الجودة ومناسبة لجذب الفرص الاستثمارية الجيدة، والهدف الأهم من تطوير المركز هو خلق فرص وظيفية للخريجين، وتدريب الموارد البشرية السعودية الشابة في المجالات المالية، سيكون «مركز الملك عبدالله المالي» المركز الرائد في الشرق الأوسط، الذي سيوفر بيئة عمل جذابة للعدد المتزايد من السعوديين العاملين في القطاع المالي والمتوقع دخولهم للعمل في القطاع، ينظر له كجزء من البرنامج الشامل للتنويع الاقتصادي، صمم ليلبي الطلب الموجود والمتزايد للفئة A من المكاتب التي تتمتع بالتقنية العالية، يقام في شمال مدينة الرياض وستغطي مساحته 1.6 ملايين متر مربع - ويمكن من حيث الحجم مقارنته بمركز «لندن كناري ورف المالي»، والذي تبلغ مساحته 345 ألف متر مربع، سهولة الوصول إلى المركز من المطار وستخدمه شبكة الطرق الحالية، قريباً من المنطقة التجارية في منطقة العليا، تتحقق آلاف الفرص الوظيفية بسببه في قطاع الإنشاءات والقطاعات المالية.
منافسة ومتطلبات وفرص
واعتبر تقرير اقتصادي صادر عن مجلس الغرف السعودية أن قرار تأسيس مركز الملك عبدالله سيدخل السعودية في منافسة إقليمية في مجال المراكز المالية مدعومة بخمس مزايا تتعلق بدوره في رفع القيمة المضافة في الناتج المحلي الإجمالي، وتنويع مصادر الدخل في الاقتصاد، المساهمة في تحقيق معدل نمو مرتفع في الاقتصاد الوطني بتكاليف استثمارية معقولة وبأضرار أقل للبيئة، رفع القدرة التنافسية للقطاع المصرفي، خلق مصادر إيرادات للموازنة العامة للدولة، والمساهمة في توفير كوادر وطنية مدربة، وقال التقرير: إن مثل هذه المراكز لا تخلو من محاذير من بينها وجود احتمالات لتعرض المؤسسات العاملة في المركز المالي للانهيار أو التعثر بسبب تعرضها للصدمات المالية الخارجية، وتزايد فرص إساءة بعض المؤسسات والأفراد لمناخ الحرية الواسع الذي يتمتع به المركز المالي لممارسة عمليات الاحتيال والفساد والرشا المالية للشركات الدولية، إضافة إلى عمليات غسيل الأموال، واحتمالات تعرض رأس المال البشري الذي يعتبر عصب المركز المالي للاستقطاب من قبل مراكز مالية أخرى منافسة، وهو ما يكلف الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة تتمثل في نزيف العقول والخبرات الوطنية التي تكلف الدولة مبالغ باهظة. وشدد هنا على أهمية فرض رقابة من نوع جديد من قبل الحكومات في هذه المراكز توازن بين الحرية المطلوبة وضبط الأسواق، وقال التقرير: إن نجاح المملكة في القيام بدور المركز المالي للمنطقة يتطلب تعزيز ودعم نمو القطاع الخاص الوطني، وزيادة إنتاجيته، وزيادة كفاءته الاقتصادية من خلال التوسع في إنشاء التجهيزات الأساسية، وبناء قطاع مصرفي قوي، وتوفير التمويل اللازم بشروط ميسرة. كذلك فإن نجاح المركز المالي بالمملكة مرهون بقدرة القطاع الخاص على استغلال هذه الإمكانيات والاستفادة منها، خاصة في ظل التوقعات بأن يخدم هذا المركز الاقتصاد الوطني الذي ينمو بمعدلات مرتفعة في ظل ارتفاع أسعار النفط وفى ظل ارتفاع معدلات السيولة في المملكة والمنطقة عموماً، وأكد التقرير أن الفرص سانحة أمام القطاع الخاص الوطني للدخول في تأسيس مشاريع وشركات مشتركة تهدف في النهاية إلى خدمة أعمال المركز المالي، مثل أعمال الإنشاءات والتجهيزات، وتدريب الكوادر المتخصصة للعمل بهذا المركز، والمساهمة في تطوير شبكات المعلومات من خلال بناء وحدة لمعلومات الأعمال، بالإضافة إلى زيادة وتوسيع الاستثمارات في المجالات المختلفة. بالإضافة إلى وضع خطة متكاملة للترويج على المستويين الدولي والإقليمي لهذا المركز، واطلاع المستثمرين في الداخل والخارج على الفرص التي يتيحها المركز.