الجزيرة - أحمد المطيري :
تأتي موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، على الإستراتيجية الوطنية للصناعة لتعطي إشارة البدء في الخطوات نحو بناء اقتصاد قوي ومتين ومتنوع، ومنافس كون الإستراتيجية تمثل نظرة المملكة لما ستكون عليه الصناعة بعد عشرة أعوام (2020م)، حيث إن هذه الإستراتيجية تمكن الصناعة الوطنية من تملك مقومات المنافسة العالمية ولا تقوم فقط على رخص أو توافر المواد الأولية سواء كانت ثروات طبيعية أو حتى توافر أو رخص القوى البشرية، وإنما على الإبداع والابتكار التي هي سمة العصر، وتعمل الإستراتيجية على تحقيق هذه الرؤية من خلال بناء منظومة وطنية متكاملة للصناعة بمعنى أن جميع العناصر الضرورية لإنشاء هذه المنظومة يجب أن ينظر فيها ويجب ألا ينظر في مكونات منفردة بمعزل عن المنظور الأشمل، ولعل أهم الأهداف التي تضعها خطط التنمية تكمن في تنويع الاقتصاد، حيث تأمل تلك الإستراتيجية رفع مساهمة قطاع الصناعة في إجمالي الناتج المحلي، وأن تتمثل مساهمة القطاع الصناعي في المساعدة في كثير من القطاعات الأخرى، لا سيما القطاع الخدمي من خلال زيادة النمو بشكل أكبر، وهذا هو الطريق إلى حلم التنويع الاقتصادي.
إستراتيجية النهوض
الرؤية المستقبلية للتنمية الصناعية حتى عام 2020م تحمل عنوان (إستراتيجيات تعزيز القدرة التنافسية وتنويع القاعدة الصناعية في المملكة العربية السعودية) وتهدف إلى تعزيز القدرات التنافسية للصناعات الوطنية وتحفيز التنويع الصناعي ضمن بيئة الاقتصاد العالمي والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني وتخفيف اعتماده على مصدر واحد أساسي للدخل. وتتضمن الإستراتيجية الصناعية ثلاثة محاور أساسية هي: تعزيز القدرات التنافسية الصناعية، وتوفير البنية الأساسية والخدمات للقطاع الصناعي، وتحديث ووضع القوانين والأنظمة الملائمة، وتتناول الإستراتيجية مسائل مهمة تتعلق بتطوير وتنفيذ السياسات التالية:
تطوير تقنيات الإنتاج، وتنويع المنتجات الصناعية، نقل وتوطين التقنيات المناسبة، تطوير المهارات اللازمة للنهوض بالقطاع الصناعي، استقطاب الاستثمارات الوطنية والأجنبية بهدف زيادة القيمة المضافة للصناعات المستهدفة، بناء قواعد معلومات صناعية تحقق التشابك والتكامل الصناعي، تطوير برامج تطبيقية لتفعيل المواصفات القياسية والعمل على تحسين الجودة بهدف تسهيل النفاذ إلى الأسواق الخارجية، تحفيز تنوع الصناعات ذات الميزة النسبية والصناعات المكملة لها، تشجيع الاستثمار في تطوير البنية الأساسية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، تطوير وتحديث أداء الأعمال والأنظمة والإجراءات الصناعية إلكترونياً، والعناية بتطوير الصناعات الصغيرة والمتوسطة والصناعات الحرفية والتقليدية.
وحتى يمكن إعداد وتنفيذ الإستراتيجية الصناعية وفق آليات عملية ديناميكية تحقق الطموحات الكبيرة لتطوير أداء القطاع الصناعي في المملكة بفاعلية عالية وبما ينسجم مع المتغيرات والتطورات المتسارعة والمستمرة ضمن بيئة ومنظومة الاقتصاد العالمي، فإن هذه الوزارة لديها قناعة تامة بأن ذلك لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تضافر الجهود وتكاتف الإمكانات وتكاملها والمشاركة الفعلية بين القطاعين الحكومي والخاص.
مكونات الإستراتيجية
فيما يلي موجز للمكونات (للعناصر) الأساسية للإستراتيجية الصناعية وهي كالتالي:
العنصر الأول: تعزيز القدرات التنافسية الصناعية وتعنى العمل على تحسين القدرات التنافسية الصناعية وتنويع القاعدة الإنتاجية لضمان النفاذ والمنافسة في الأسواق العالمية في ظل ظروف العولمة وانضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية ومنطقة التجارة العربية الحرة وغيره من الأنشطة الاقتصادية المحلية والإقليمية والعالمية، وذلك من خلال صياغة برنامج عمل بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) يحدد الرؤية الصناعية المستقبلية حتى عام 2020م.
وأداة تحقيق ذلك ترتكز على بناء جهاز متخصص وفاعل لاقتراح ومتابعة تطبيق السياسات والبرامج وتبادل المعلومات المتعلقة بالتنمية الصناعية وتعتمد المنهجية على تشخيص واقع القطاع الصناعي بغرض وضع إطار السياسات الصناعية الملائمة لتنفيذها من خلال برامج تنفيذية لصناعات مختارة تتميز بالقدرة التنافسية، وسوف يتم توفير خدمات مساندة تستجيب لحاجات القطاع الخاص في مجالات ترويج الاستثمار وتحفيز التقنية وتطوير الأعمال للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ومطابقة المقاييس وتحسين الجودة وتطوير الإدارة وتنمية الموارد البشرية وبناء وحدة معلومات الأعمال.
العنصر الثاني: توفير بنية أساسية ملائمة لاستيعاب طموحات التنمية الصناعية وذلك تمشياً مع متطلبات القطاع الصناعي نحو توفير بنية أساسية ملائمة ومستدامة لاستيعاب طموحات التنمية الصناعية من خلال تطوير وتدعيم مؤسسات وخدمات تهدف إلى خدمة القطاع الصناعي، فإنه في ضوء ذلك تم إنشاء الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية للعمل على تحديد إطار سياسات لتوفير أراضٍ صناعية مطورة مبنية على معايير تخصيص الأراضي الصناعية من خلال آلية السوق وبناء سياسة تنمية الأراضي الصناعية على معامل الطلب في ظل شفافية تامة في الإجراءات بحيث تغطي تكاليف تأجير الأراضي الصناعية تكاليف تطويرها وصيانتها وضمان تقديم هذه الخدمات عند مستويات جودة عالية، وتنمية الشراكة بين القطاع الحكومي والخاص في توفير الأراضي الصناعية المطورة تتضمن توزيعاً أفضل للأدوار بين الهيئة التي تختص في وضع السياسات الوطنية لتنمية المدن الصناعية وتنظيم استخدام الأراضي الصناعية والإشراف على أداء شركات القطاع الخاص المشغلة للمدن الصناعية.
بينما يتمثل دور القطاع الخاص الذي يجيد التوظيف الأمثل للاستثمارات في توفير الموارد المالية للاستثمار في تطوير المدن الصناعية وتشغيلها وإدارة خدماتها.
وتقوم الهيئة بإسناد تطوير إدارة خدمات المدن الصناعية لشركات تطوير من القطاع الخاص عن طريق مناقصات تنافسية عامة تتميز خطواتها بالشفافية، ويتوقع أن يؤدي هذا النهج إلى توفير بنية أساسية حديثة للقطاع الصناعي من خلال آلية متجددة تضمن الاستجابة للطلب على خدمات البنية الأساسية التي يحتاجها القطاع الصناعي مهما كان حجمه ضمن خطوات تتميز بالشفافية والتنافس، وسوف ينعكس ذلك على جودة الخدمات وملائمة أسعارها، وبالتالي تحسين القدرة التنافسية للصناعة السعودية.
ويتمثل العنصرالثالث في وضع القوانين والأنظمة الملائمة لضمان ظروف أسواق تنافسية عادلة للمنتجات الصناعية، حيث تتميز أسواق المملكة بأنها مفتوحة وتتدفق السلع عبر رسوم جمركية معقولة وفي نفس الوقت تعد الصناعات السعودية في معظمها صناعات ناشئة والطريق طويل لدخول صناعات ناشئة جديدة، وفي ظل المراحل الأولية التي تعيشها الصناعة السعودية ومحدودية مستوى هيكل الرسوم الجمركية فإن هوامش ربحية الصناعات الناشئة ضيقة وحرجة ولا شك أن ظواهر مثل الإغراق من قبل المنتجات المستوردة المثيلة يمكن أن يعطل التنمية الصناعية، ويلاحظ زيادة ممارسة إغراق أسواق الدول النامية والمملكة خاصة لأسباب غياب تفعيل أنظمة مكافحة الإغراق والنظام الاحترازي والأنظمة الأخرى ذات العلاقة التي من شأنها أن توفر أسواق تنافسية عادلة تساعد على تنمية القطاعات الصناعية الواعدة، إضافة إلى دورها في استقرار الأسواق المحلية وتعزيز موثوقية السياسات التجارية والصناعية في المملكة وهذه النتائج في مجملها تمثل محفزاً مهماً لاستقطاب مزيد من الاستثمارات الصناعية المحلية والأجنبية.