Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/06/2010 G Issue 13768
الاربعاء 26 جمادىالآخرة 1431   العدد  13768
 
جرأة الفارس.. وسياسة الحكيم
أ. د. عبدالعزيز بن محمد الفيصل

 

مرحباً بالذكرى العطرة ذكرى تربع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على عرش المملكة العربية السعودية، لقد تربع قائد المسيرة على عرش القلوب قبل كرسي الحكم، فهو قائد فذ، وملك حكيم، ومدبر شجاع، عبر بأمته مطلخمات الدواهي بجرأة الفارس، وسياسة الحكيم، ودراية القائد.

فعبر السنوات الخمس الماضية بنى الجامعات في أرجاء المملكة العربية السعودية، وأنقد بلاده من العاصفة التي عصفت بالاقتصاد العالمي، فالبناء في المملكة في كل مدينة وقرية، فلم تتأثر بلادنا بما تأثرت به كثير من بلدان العالم، وهذا دليل على متانة اقتصاد البلاد، وحسن سياسة قائد المسيرة، إن الخروج من هذه الأزمة ليس بالأمر السهل، فاقتصاد العالم اليوم كل لا يتجزأ ومع ذلك نجت سفينة الاقتصاد في مملكتنا الرحبة بفضل الله أولاً ثم بفضل حسن القيادة والحذر الدائم من الوقوع في المزالق، ومن مزايا القيادة الحكيمة أن البلاد نجت من إنفلونزا الخنازير بيسر وسهولة، فأمم العالم الأول كانت خسائرها في الأرواح فادحة، أما المملكة العربية السعودية فقد نجت من شر هذا الوباء، ولم تخسر إلا أقل مما خسرته الدول الأخرى التي أصابها هذا المرض، ومن منجزات قائد المسيرة البناء في المشاعر المقدسة، فبناء الجمرات شاهد على العمل الجاد والدؤوب من قبل خادم الحرمين الشريفين، لقد كان حج العام الماضي من أنجح المواسم، فرمي الجمرات رافقته انسيابية هادئة خلت من السقوط المؤدي إلى نقل المصاب إلى المستشفيات، وقد يفارق المصاب الحياة بسبب تدافع الجموع عندما لا يستطيع التوقف أو مساعدة المطروح أرضاً، إن بناء الجمرات أتاح للحجاج الرمي في تؤدة وهدوء وسكينة، ومن منجزات القائد التي تخدم المسلمين توسعة المسعى مما أتاح للحجاج والمعتمرين السعي في راحة واطمئنان، ثم هذه الأعمال الجبارة في مكة المكرمة من توسعة ساحات الحرم المكي إلى العناية بالطرق التي يسلكها الحجاج تعد في ميزان حسنات خادم الحرمين الشريفين، فالحجاج يدعون له بالتوفيق في أعماله الخيرة التي تسهل لهم أداء شعائرهم.

وذكرى البيعة في كل عام تزف منجزات للشعب السعودي، ففي هذا العام بنى خادم الحرمين الشريفين صرحاً من صروح العلم والمعرفة ألا وهو جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، فالملك - حفظه الله - يعلق آمالاً على هذه الجامعة الوليدة، يمثل تلك الآمال قوله: «وإنني أرغب أن تصبح هذه الجامعة الجديدة واحدة من مؤسسات العالم الكبرى للبحوث، وأن تُعلم أجيال المستقبل من العلماء والمهندسين والتقنيين وتدربهم، وأن تعزز المشاركة والتعاون مع غيرها من جامعات البحوث الكبرى ومؤسسات القطاع الخاص على أساس الجدارة والتميز».

وتمر بنا ذكرى البيعة في هذا العام وخادم الحرمين الشريفين يستأصل الفساد من جذوره، فقد أمر - حفظه الله - بمحاكمة كل متهاون في عمله أو متخاذل في أداء واجبه مما يتسبب في إلحاق الضرر بالآخرين، فكارثة سيول جدة أبرزت المستور وكشفت المتواري عن الأنظار وأبانت العيوب، وقد كان تعامل الملك مع سلبيات هذه الكارثة تعاملاً راقياً يمنح كل صاحب حق حقه ويعاقب كل مقصر بموازين الشرع الشريف، إن أوامر خادم الحرمين الشرفين أثلجت الصدور وأدخلت السرور على الأسر المنكوبة التي فقدت المسكن والأثاث والمركب، وهذه الأوامر الحاسمة تجاذبها الناس في مجالسهم وأشادوا بها في حديثهم، لأنها صدرت من رجل إذا قال فعل وإذا أمر نُفِّذَ أمره، إنه عبدالله بن عبدالعزيز رجل الدولة وخادم الحرمين وناصر الضعيف وقاهر الظالم ورادع المعتدي على حدودنا الجنوبية.

إن هذه الذكرى تحمل في طياتها انتصار جيش عبدالله بن عبدالعزيز كما تحمل إلينا كلمات القائد التي قالها لجنوده عندما ذهب إليهم وخاطبهم بعبارات الشرف وكلمات النصر، مما رفع من عزائمهم، فَعَدُّوا حضور القائد شرفاً لكل مرابط يحمي حدود بلاده. إن مواقف خادم الحرمين الشريفين تبرهن على اهتمام دؤوب بأمن هذه البلاد، فعندما سمع - يحفظه الله - باستهداف صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف من قبل الفئة الضالة نهض من فوره وقصد موقع التفجير وهو ملك البلاد وقائدها فوقف بنفسه على الحدث واطمأن على سلامة الأمير محمد. إنه موقف يحتاج إلى حسم، وقد عالجه قائد حكيم تصحبه الشجاعة ويؤازره الإيمان بالله، فالملك عبدالله يعرف أن الأمن هو الأساس لكل نشاط تجاري أو تعليمي أو خدمي ولذلك أولاه اهتمامه وعنايته، ولا ننسى أن خادم الحرمين الشريفين يعي أمن المسلمين في الحج، فهو المسؤول عن أمن تلك الجموع المحتشدة في عرفات ومنى ومزدلفة وفي الحرم الشريف في كل عام بالإضافة إلى أمن المعتمرين والزوار للمدينة المنورة.

وفي ذكرى البيعة يشهد الحوار الذي استحدثه خادم الحرمين الشريفين نشاطاً امتد إلى أرجاء البلاد، فهذا الحوار يشرف عليه علماء عرفوا بخبرتهم الدينية ومعالجة مشاكل المجتمع، فهيئة الحوار تنتقل من بلد إلى بلد وهي تعالج الأمور الصحية والتعليمية والثقافية، فهي لا تدافع عن المسؤول ولا تحاول إقناع أصحاب المطالب، فمهمتها بسط المشكلة والبحث عن الحلول وامتصاص الغضب، فكم من كاتب اتهم بغير حق فإذا عرضت أفكاره في مضمار الحوار تبين المعوج فعولج وزال إشكال الأمور. إن تأليف القلوب هدف من أهداف الحوار الوطني، وقد نجح الحوار في تقريب القلوب المتنافرة، والنفوس المتجافية عن بعضها، فالاجتماع خير وبركة وتآزر وتكاتف وتآخٍ ومحبة، والتباعد يجلب التنافر ونقل الأحاديث المغلوطة، فتبعد الشقة وينأى الإخاء.

اللهم أعن خادم الحرمين الشريفين على كل عمل يخدم المسلمين ويخدم المشاعر المقدسة في بلادنا الطاهرة التي تحوي قبلة المسلمين الكعبة المشرفة والحرم المكي والحرم النبوي، ففي هذه البلاد الطاهرة ثرى قد لامس أقدام أشرف الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأقدام آل البيت، وأقدام الرعيل الأول من المهاجرين والأنصار، وعموم الصحابة والتابعين. فهو ثرى جدير بالخدمة والصيانة. اللهم احفظ بلادنا، وأعن قائدها على مسؤولياته العظام، وأعن كل من ساعده وآزره وسار معه في خدمة البلاد والعباد.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد