Al Jazirah NewsPaper Wednesday  09/06/2010 G Issue 13768
الاربعاء 26 جمادىالآخرة 1431   العدد  13768
 
وتتوالى المنجزات في عهد ملك الإنسانية
أ.د. سليمان بن عبدالله أبا الخيل

 

من تعظيم الله سبحانه وشعائر ذلك التعظيم تعظيم ما عظمه الله سبحانه وتعالى، ومحبة ما يحبه سبحانه، وبغض ما يبغضه، {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب} (الحج:32)، وهذا لا شك أنه أمر من مقتضيات الإيمان، ومن مكملات العقيدة، لاسيما بعد تجدد النعم وتوالي المناسبات الخيِّرة، وفي هذه الأيام على وجه الخصوص يتجدد العهد بالمناسبة المتجددة الممتدة، فنحتفي في وطننا بذكرى ستظل صداها وذكراها في قلب كل مواطن محب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولدينه ولولاة أمره، إنها ذكرى البيعة الشرعية، والاجتماع والتآلف والتعاضد والتكاتف الذي هو سمة بلادنا الحبيبة وطننا الآمن، ففي يوم الاثنين 26-6-1426هـ كان هذا الشعب الوفي على موعد مع الوفاء بكل معانيه، وفاء للمليك الراحل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - غفر الله له وأسكنه فسيح جنته وأحل عليه رضوانه - ووفاء مع مليك الإنسانية، ورائد النهضة التنموية، وحامي الوحدة الوطنية، وقائد الرؤية التطويرية الإصلاحية، وصاحب المبادرات العالمية، التي بها وبمنجزات الوطن في عصره تحقق لمملكة الحب الريادة والمثالية، وذلك بإعلان الاجتماع والتوحد والبيعة للمليك المفدى - أيده الله وحفظه -، وهذه العطايا مواهب ربانية، وعطايا ومنح إلهية من رب البرية.

لقد استوقفني في خضم هذه المشاهد المبهجة قول المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود والبيهقي في شعب الإيمان بسند قال عنه ابن حجر: حسن، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط)، أي: من تعظيم الله عزَّ وجلَّ بما يليق به وبكماله، والتعبد لله بهذه العبودية العظيمة، إكرام وإجلال ثلاثة أصناف، ومنهم الإمام المقسط، ولذا فإنني قيامًا بحق إمامنا المقسط، وولي أمرنا، ومليكنا المحبوب خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - أمد الله في عمره، وأيَّده بتأييده، وحفظه ذخرًا للإسلام ولوطننا وطن الإسلام - أسجل هذه المشاعر عبودية لله، وتعظيمًا لله، واستشعارًا لمنة الله بولايته علينا، وتعبيرًا عمّا يجيش في الصدر من مكنون تجاه هذه الذكرى العزيزة المتجددة التي من أبرز دلالاتها توالي إنجازاته على وطننا، فأقول - وأسأل الله التسديد في القول -:

إن ذكرى بيعة إمام المسلمين، خادم الحرمين الشريفين، المليك المفدى، عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - أمده الله بعونه، وأدام عليه نعمه - ذكرى عزيزة على قلب كل مواطن، بل كل مسلم، لأنها تعد امتداداً تاريخياً لهذه الدولة المباركة، التي تأسست على نصرة الكتاب والسنة، والقيام على أصل الأصول، وأساس الأمن، وأوجب الواجبات: توحيد الله جلَّ وعلا بصورته الصافية النقيَّة كما نزلت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، حامية هذا الأصل مما يشوبه ويكدره، محققة لجوانبه، محاربة كل مظاهر الشرك والبدع والانحراف، ومع تمسكها بهذه الثوابت العظيمة التي هي أساس العز والتمكين، وسبب كل خير عميم إلا أن ذلك لا يمنعها من التعامل مع متغيِّرات العصر، وتفاعلات الواقع، آخذة بكل سبب يؤدي إلى النهوض والارتقاء، وبلوغ الريادة والعالمية، هذا المنهج الرشيد، والمسلك السديد هو ما قامت عليه دولة التوحيد لا سيما في هذا الدور الذي أقامه وشيد بناءه الملك المؤسس الباني المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود - طيَّب الله ثراه وجعل الجنة مأواه -، واستمر عليه أبناؤه البررة، متفاعلين مع قضايا العصر وتجدد الحوادث، وتعقيدات الواقع، حتى عهد النماء والتطور والبناء عهد ملك الإنسانية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- الذي نحتفي بانقضاء خمس سنوات منه مرت على ذكرى بيعة مليكنا المفدى كلمح البصر، إنها سنوات سعد وخير وبركة على هذا الوطن الآمن ومواطنيه.

ولست هنا بصدد رصد الإنجازات الملكية لخادم الحرمين الشريفين أو حشد المقام بأرقام وإحصاءات مع أهمية كل ذلك، لكني أردت أن تكون هذه الأسطر تعبيراً صادقاً عن مشاعري التي لا أملك إخفاءها وأخال أن كل مواطن يحملها تجاه ولي أمرنا، وباني نهضتنا، وحامي وحدتنا خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله وأعزه ونصره، وإن القلم ليعجز، والأيادي تكل، والوصف يتقاصر، والعبارات تتطاير، والصور تتزاحم، حينما يروم الإنسان أن يصف عظيمًا من العظماء، وفذًا من الأفذاذ، ورجلاً من نوادر الرجال بحجم المليك المفدى، كيف والأمر ترتبط به معانٍ كثيرة، وله أبعاد مختلفة، تجعل هذا الحديث يتجاوز الثناء المستحق إلى إبراز مآثر هذه الشخصية الفذة لتكون مثارًا للتأسي والاقتداء، ومحمدة، بل محامد تذكرها الأجيال، وتذكيرًا لنا جميعًا بهذه النعم لنقوم بشكرها والوفاء بحقها، وإظهارًا لمقومات المحبة التي هي سبب خيرية المجتمع، وارتقائه في مراقي العز والتمكين، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون لهم ويصلون لكم)، كما أنها باعث على استدامة ما هو من مقاصد الشرع من الاجتماع والإلفة والتعاضد والتعاون، كيف لا والمعبر عن منجراته عظيم من عظماء المسلمين، وإمام فذ، ووالٍ عادل، وحاكم رشيد، ومنجزاته في هذه الحقبة الذهبية التي تولى فيها مقاليد دفة الحكم يتطلب رصدها مجلدات، لكن الحديث عن هذا الجانب لا يعني أن هذه المنجزات قفزة بدون مقدمات، أو عمل بدون بدايات، لأن هذه الأسرة المباركة أسرة السعود من آل سعود نهلوا من مدرسة الملك الباني - غفر الله له - ونذروا أنفسهم في خدمة الدين والوطن، ولذا فإن مليكنا - أيَّده الله - يسجّل له التاريخ بأحرف من نور، وترصد له لغة الأرقام والمنجزات ملحمة خاضها منذ أن اختاره أخوه جلالة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - رئيساً للحرس الوطني عام 1382هـ، ليضع خبرته القيادية والعسكرية والسياسية في تشكيل وتطوير هذا المرفق الهام، ويستمر عطاء الملك الإنسان، وتبرز مواهبه وقدرته الفذة فيختاره الملك خالد بن عبد العزيز - رحمه الله - نائباً لرئيس مجلس الوزراء إضافة إلى رئاسة الحرس الوطني عام 1395هـ، وبعد مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله - بُويع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله - حينها ولياً للعهد، ويصدر أمر ملكي في اليوم نفسه بتعيينه نائباً أول لرئيس مجلس الوزراء، ورئيساً للحرس الوطني، وولياً للعهد ويكون - يحفظه الله- نعم العضد والمعين، ولياً ناصحاً، وسنداً متيناً للملك الراحل - رحمه الله - وفي يوم الاثنين 26-6-1426هـ تمت مبايعته ملكاً للمملكة العربية السعودية، لتتوّج تلك العطاءات بهذه المناسبة التاريخية، ولتتوالى الإنجازات لا على المستوى الداخلي فحسب، وإنما على كافة الأصعدة، ونعيش ثمار تلك الملحمة واقعاً نتفيأ ظلاله، ونحمد الله على فضله وكرمه، ونسأله أن يحفظ علينا هذه النعم من الزوال.

ومن هنا فإن تسطير هذه المشاعر، وتدوين هذه الأحاسيس، ورصد الأعمال التي تحققت في هذه الفترة الماضية المهمة واجب يعبر به عن الشكر لله أولاً فما بنا من نعمة فمنه وحده، ثم من شكره شكر من أنعم الله علينا بولايته وحكمه خادم الحرمين الشريفين - أيّده الله -، والشكر لسان الطوية، وعنوان الاختصاص، وشاهد الإخلاص، وليس غرضي إلا أداء بعض الحق المفترض عليّ، ولذا فإنني أسطر هنا بأن الراصد للسمات الشخصية، والمواهب الربانية، والقدرات التي جُبل الله عليها ملك الإنسانية، وحباه بها، يدرك أن مليكنا المفدى - أمده الله بعونه وتسديده - مدرسة في كل شأن، في الحنكة والسياسة، والإنسانية والبذل، ومحبة شعبه والقرب منهم، والقيام بالمسؤولية، وأداء الأمانة إلى درجة الإشقاق على النفس، والقسوة عليها، وما موقفه من النوازل التي يقدّرها الله تعالى وتحل ببعض أجزاء وطننا إلا أعظم شاهد على ذلك، كما أنه في المجال العسكري باعتباره قائدًا أعلى للقوات المسلحة، ورأس الحرس الوطني منذ عام 1382هـ، فقيادته - أيَّده الله - للحرس ولجميع القطاعات العسكرية قبل وبعد توليه الحكم تتسم بالحنكة والتجربة، والرعاية والمتابعة ما جعل جميع قطاعاتنا العسكرية تتجه نحو التقدم الهائل، والتطور المذهل، وتحقق طموحات قائدنا ومليكنا، وتحفظ على وطننا ومواطنيه أمنه، وأدرك الجميع ولله الحمد ما تنعم به بلادنا من أمن وأمان، وقوة وقدرة - زادها الله مضاءً وعزيمةً وقوة -، فيحق لنا أن نقول: إن ولاية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - من نعم الله العظيمة، وإن من الإجحاف والجحود عدم الاعتراف بهذه الآلاء، وعدم إدراك هذه النعم، بل تلك السمات القيادية، والخلال والمواهب الربانية التي انعكست آثارها على ما تعيشه مملكة الإنسانية في كل مجال، رسم من خلالها وبمعاضدة أخيه وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وزير الدفاع والطيران، وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية - حفظهم الله ، وزادهم تمكينًا وعزًّا - سياسة بعيدة المدى، وإستراتيجيات تجعل هذه المملكة في مصاف العالمية، وتكون سمعتها في المحافل الدولية مضيئة رغم عتمة الواقع العربي والعالمي، وها هو - يحفظه الله- في كل مناسبة يعلن رؤيته للواقع العالمي، وينادي في كل محفل بلغة السلم والسلام والتعايش والتعاون على البر والتقوى والخير، حتى أصبحت مملكتنا - ولله الحمد - بقيادته رمزًا للمحبة والسلام والبناء، وأصبح - يحفظه الله - بمواهبه وسماته حاكمًا عادلاً، ورمزًا للشهامة والإباء، يعيد لنا أمجاد السلف، ويذكرنا بحقبة الخلفاء الراشدين، قريب من مواطنيه على سجيته، لا يكل ولا يمل في سبيل كل ما من شأنه تحقيق رضا الله سبحانه وتعالى ثم إسعاد مواطنيه، تفيض جوانحه بالإنسانية ما يجعل عبراته تسيل عندما يشاهد أو تذكر له معاناة، ويتفاعل معها بشكل يخرج عن رسميات السلطة، وله رؤى رشيدة يحق لنا أن نصفها بأنها سد منيع ضد أبواب الفساد والاستغلال، ومن أجل هذه السمات الفذة لا غرو أن مَلَكَ القلوب، والتقت المشاعر والأحاسيس على محبته والثناء عليه، ونحتسب على الله أن يكون هذا من القبول الذي وضعه الله له في الأرض، لقاء إخلاصه وصدقه مع الله، وصلاح طويته، وقد ورد في الحديث ما نرجو أن يحققه الله لمليكنا من كون هذه المشاعر بشرى له بمحبة الله له، ومحبة أهل السموات، فقد ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلاناً فأحبه، قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض)، والحق أن الحديث عن جوانب سماته الشخصية - أعزه الله - حديث ماتع، ومحبب للنفوس، واستجلاء هذه المكانة والمحبة يتطلب حديثًا طويلاً، ولن نصل إلى الوفاء بما نريد، لكنها إشارات ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، لكنني أختم بما حققه من إنجاز في المجال العربي والإسلامي والعالمي فأقول: هنيئاً لنا بخادم الحرمين، وإمام المسلمين، لقد مكّن لهذه البلاد، وقادها باقتدار إلى الريادة والمثالية الطموحة، وإنجازات مليكنا العالمية حديث لا يمل، ومعين لا ينضب، يوقفنا بتصرفاته ومبادراته على تمسكه بالإسلام وقيمه وأحكامه، والشعور بشعور الجسد الواحد يجعل قضايا المسلمين وما يحل بهم فوق كل اعتبار، ويساهم ويشارك بكل ما أوتي من ثقل وقوة عالمية ليوظّف هذه المكانة في مشاركة المسلمين قضاياهم ومعاناتهم، وها نحن نشعر وبكل فخر واعتزاز أن بلادنا الحبيبة، ووطن الإسلام المبارك يفرض نفسه في كل المحافل الدولية كرائد للسلم والسلام، وقائدنا ومليكنا بمبادراته وحكمته وحنكته يجمع الأمم المتنافرة، لتعتمد الحوار الهادف، والقيم المشتركة، والعلاقات المبنية على التسامح والتشاور، فتختزل هذه المبادرة التاريخ التحديات والعقبات، وتجسد الطموحات والآمال واقعاً حياً، تقوم على هذه الأسس التي ينطلق فيها من ميزات الإسلام وخصائصه وقيمة وثوابته، وتنبذ كل مظاهر الغلو والتطرف، والإرهاب والإفساد، ويكون الخطاب الوسطى هو الصورة المثالية التي تفرض نفسها كبديل بطرف النقيض، فالحمد لله الذي وفَّق خادم الحرمين الشريفين إلى مثل هذه المساهمات المؤثّرة، التي غيّرت كثيراً من المفاهيم والتصورات التي كان يحملها البعض عن الإسلام عموماً، وعن بلاد الحرمين خصوصاً، ونسأل الله سبحانه أن يمكّن لإمامنا وولي أمرنا، وأن يسدد قوله وفعله، ويجعله من أنصار دينه وأعوانه، وممن يجدد الله بهم الدين في هذا العصر، كما نسأله سبحانه أن يحفظه بحفظه، ويكلأه برعايته، ويمده بعونه، ويديم عليه نعمه إنه سميع مجيب.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد