من أصعب مهام العمل الإعلامي البناء الإيجابي للصورة الذهنية لدى المتلقي.. وتشتد صعوبة المهمة عندما تكون المهمة إعادة بناء تلك الصورة.. فإعادة البناء تعني أولا محو أو إزالة الصورة الخاطئة.. ومن ثم الشروع في بناء الصورة الصحيحة.
والأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم من العاملين بمنهجية واضحة وجهد منظم مدروس لإعادة بناء الصورة الوطنية السعودية وتنقيتها مما شابها من تشويه لدى الغرب نتيجة أفعال لا تعبر عن عامة الشعب السعودي.. وقد اختار الأمير مدخلاً صحيحاً لترميم الصورة باختياره الحصان العربي موضوعاً لا يختلف عليه شخصان.. فهو الأرشق والأجمل والأسرع في العالم. حظيت بشرف المشاركة في فعاليات الاحتفالية بالحصان العربي في ولاية الخيول الأمريكية كنتاكي حيث يقام أعظم سباقات الخيول في العالم.. وكانت الفعالية الأولى عرض فيلم (العربية) على شاشات (الآي ماكس) العملاقة.. الذي عرض لمحات من التاريخ والحاضر وتطلعات المستقبل في المملكة العربية السعودية.. أعقبه لقاء للمدعوين شرفه كل من الأمير تركي الفيصل والأمير فيصل بن عبدالله والأميرة عادلة بنت عبدالله. الفعالية الثانية كانت معرضا للتحف التاريخية عن الحصان العربي جُمعت من (25) متحفاً في (19) دولة في العالم، في سابقة تاريخية بحق العرب لم يحققها سوى الحصان العربي.. وأعلم (علم المشارك) أن الأمير فيصل بن عبدالله بدأ التخطيط لهذا المعرض منذ منتصف التسعينات على أمل أن يقام في المملكة إبان الاحتفال بمئويتها.. لكن العقبات الدولية.. والاحترازات التأمينية.. والتكاليف المالية العالية لجمع هذه المادة المتحفية التي لا تقدر بثمن.. أخذ منه هذا الحلم نحو خمسة عشر عاماً ليتحقق أخيراً ولكن على أرض أمريكية.. أرض بطولات العالم في الفروسية ولاية كنتاكي.. وسوف يمتد المعرض ستة أشهر حتى النصف الثاني من أكتوبر 2010م يتخلله بطولة العالم الأشهر في الفروسية (الأكوسترين).
الفعالية الثالثة والأخيرة كانت دعوة عشاء تخللها عرض أزياء باهر في تنفيذه.. باذخ في إخراجه.. فاخر بأزيائه.. على أنغام موسيقى صنعت للعرض بعداً تجاوز رسم الأداء وشكل الرداء واخترق عمق الروح وبلغ الرسالة بشكل واضح جلي.
التقى السعوديون بالأمريكان في تلك الليلة فسقطت حواجز السياسة والإعلام.. واتصلت روح الإنسان بالإنسان.. وتعامل الجميع من واقع ما شاهدوا ورأوا.. في تلك الليلة التي تم فيها وضع حجر الأساس لبناء صورة جديدة صبغتها ألوان الدهشة والإعجاب بألوان زاهية تسر الناظرين.. لتحل محل صورة قديمة حفرها المتطرفون بالقنابل والرصاص.. نأمل أن يستمر البناء على هذا الأساس وأن يكون الحصان العربي رائداً لتصحيح الصورة.