نحن مجتمع غريب حقاً، يخرج من بيننا فجأة إرهابيون! كما يردد بعضنا إلى الآن، ونعتبرهم في خطاباتنا الإعلامية مغرر بهم ونصفهم بنبت شيطاني لا جذور له!!، ونعيد ونكرر في هذه المقولات على الرغم من أن جهازنا الأمني بقيادة ضرغام الأمن الذي لا ينام نايف بن عبد العزيز قد نفذ 220 عملية أمنية ضد الإرهاب!
بل - ويا للفجيعة - ما زال بعضنا يقدم قبل وصف الأخت والأخ اسم الإرهابية والإرهابي!!
ماذا يعني أن تكون الإرهابية هيلة القصير معلمة، وما هي الدلالات الكامنة خلف انخراطها في هذا التنظيم الإرهابي السياسي وعملها المنتظم منذ سنوات في جمع المال وتمويل القاعدة وتجنيد الشباب للقيام باغتيالات عبر أحزمة ناسفة، كيف تشكل فكرها وماهي المحاضن التي توالت في تمكينها!
المجتمع التعليمي النسوي يعاني من هيمنة ثقافة تغلغت فيه على مدى عشرين عاماً مضت، وهيلة القصير إحدى مخرجاته لاشك، كما تعاني كليات البنات من تأثير هذا الفكر ولهذا جاء تفكيكها وضمها للجامعات في خطوة على الطريق الصحيح، لكن الأمر ما يزال بحاجة إلى عناية قصوى، فالمجتمعات النسوية سريعة الاقتناع والفتيات عاطفيات يتأثرن بلغة الموت والترهيب ثم يسهل قيادهن إلى ما هو أبعد من ذلك.
مثلما جندت هيلة القصير الشباب من المؤكد أن نساء كثيرات آمنَّ بفكرها وسيكملن مسيرتها في نشر هذا الفكر الضال عبر الإنترنت أو المدارس.
مازالت بعض الداعيات لهذا الفكر من النساء يسرن بالطرق التقليدية حيث الاجتماع بالاستراحات وإقامة المحاضرات والمناسبات وبث مثل هذه الأفكار الضالة ويصعب على أجهزة الأمن اختراقها لأنها تتم تحت غطاء عائلي اجتماعي.
ولا يزال منهن من تتحدث عن المقبوض عليهم بأنهم أسرى وعن الشهداء من رجال الأمن أنهم قتلى وعن السعودية بأنها جزيرة العرب وأن الولاية للفقيه وليست للسياسي!
الغريب أن تتناقل الأوساط حديث أحد من قام بمناصحة هيلة القصير وقد هون من أمرها حتى ظنناه سيصفها بالمغرر بها وذلك باعتبار ما جرى منها هو رغبة في الانتقام ممن قتلوا زوجها!!, كما أنه كان يصف رجال الأمن اللذين استشهدوا في المواجهات الأمنية مع الإرهاببين - يصفهم بالقتلى - وينقل كلامها دون أن يصححه أو ينقضه حتى حينما يتحدث عنهم هو! دون أي مراعاة للمشاعر الوطنية لدينا أو لدى أبنائهم.
لا شك عندي الآن أكثر من أي وقت مضى بأننا نفتقد لاستراتجيات الخطاب الإعلامي المناسب في الحديث عن هذه الفئة وعن الموقف الشعبي منها، ويتضح ذلك من ارتجالية خطابية عند من تستضيفهم الوسائل الإعلامية خاصة من أعضاء لجنة المناصحة، الذين يتسم خطابهم باللين تبعاً لمهام عملهم في إقناع هؤلاء، لكن هذا اللين لا يناسب الحديث الإعلامي الذي يتابعه الشباب والشابات وصغار السن مما يوحي بشيء من التعاطف مع هذه الفئة!
وأقترح أحد أمرين؛ إما إخضاع أعضاء المناصحة لتدريب مكثف على استراتيجيات الخطاب الإعلامي المناسب مع هذه المواقف والحالات، وإما أن توكل مهمة الحديث الإعلامي لأشخاص مؤهلين من منسوبي الأمن واكتفاء أعضاء المناصحة بالعمل لوجه الله ثم الوطن والبعد عن الأضواء الإعلامية - طالما أنهم لا يجيدون التعامل معها بالشكل الجيد - وهذا لا ينقص من أهمية ما يقومون به بالتأكيد حتى لو أن هناك من الإرهابيين من عدلوا عن أفكارهم بعد الحديث معهم لمدة تطول أو تقصر، ثم عادوا بعد الإفراج عنهم لما كانوا عليه وفروا إلى اليمن وانضموا للقاعدة -!!
الأمن منظومة وطنية كل مسؤول عنها بطريقته, يلزم أن يعمل كل في مجاله لحماية الوطن من هذا الفكر المنحرف!
ولابد أن نعي بأن التعليم العام والتعليم العالي ما زالا مرتعاً لكثير من الأفكار الإقصائية المخيفة التي تحتاج لتعاضدنا جميعاً للتخلص منها؛ لأنها لاشك تقود لتكوين بيئات قابلة للانخراط بالفكر الإرهابي ومن ثم تنظيماته.
اللهم احفظ وطننا من شرذمة الإرهابيين العداة وارحم شهداء الوطن اللذين فتحوا صدورهم لتلقي نار هؤلاء الطغاة قبل أن تصل لنا ولأطفالنا، اللهم وعوض أبناءهم وأهليهم عنهم بالخير والمكانة التي يستحقون، اللهم آمين.